خطبة الجمعة 5-10-2020

أعوذ بالله من الشیطان الرجیم

بسم الله الرحمن الرحیم

الحمدلله ربّ العالمین نحمده و نستعینه و نؤمن به و نستهدیه و نستغفره و نتوکّلُ علیه و نصلّی و نسلّم علی حبیبه و نجیبه و خیرتِه فی خلقه، حافظِ سرّه و مبلّغ رسالاته، بشیرِ رحمته وَ نَذِیرِ نِقْمَتِهِ ، سیّدِنا و نبیّنا و حبیبِ قلوبنا ابی‌القاسم‌ المصطفی محمّد و صلّ على ائمّة المسلمين و حماة المستضعفين و هُداة المؤمنين و صلّ على بَقِيَّةِ الله فِي أَرْضِهِ.

اوصيكم عباد للّه و نفسی بتقوى اللّه و نظم امركم.
قال الله سبحانه و تعالی فی محکم کتابه
((يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ)) صدق الله العلی العظیم.

ابارک لکم ایها المومنون و ایتها المومنات بعیدِالله الاكبر یومِ السرور یوِم التبسم یومِ اكمال الدین عیدِ الغدیر الاغر عیدِ ولایةِ امیِر المومنین علیِ بن ابیطالب صلوات الله و سلامه علیه والحمدلله الذى اكرمنا بهذا الیوم فبهذه المناسبة العطرة نتحدث عن اتفاق المسلمین علی ثبوت هذا الیوم و عن الموسوعة الإسلامية التی دونت من مصادر أهل السنة و تدافع عن هذا الیوم العظیم و فی نهایة الخطبة نَتَطَرَّقُ إلى بعض مفردات خطبة الرسول الأعظم في ذلك الموقفِ المهيب ببرکة الصلاة علی محمد و آل محمد.

ایها الحضور الکریم
أن عيدَ الغدير المبارك يومٌ مهم في تاريخ الإسلام، وأن المسلمين اتفقوا على ثبوت هذا الحدث الكبير بالاجتماع الذي عقده رسولُ الله بعد عودته من حجة الوداع وعند مفترق الطرق وفي منطقة يقال لها (غدير خم) وكان معه –حسب اختلاف الروايات- ما بين (90 – 140) ألف حاج.

أن الشيخ محمد ناصر الدین الألباني «محدثَ المدرسة السلفية في هذا العصر» دافَعَ عن صحة حدیث الغدیر في كتابه: «سلسلة الأحاديث الصحيحة» في المجلد الرابع، حيث أثبتَ روايتَه عن عشَرةٍ من الصحابة، بثلاثة وعشرين طريقاً، واستغرق تعداده لتلك الطرق أربعةَ عشَر صفحةً ويقول المحدث الألباني: وللحديث طرق أخرى كثيرة منها الهيثمي في (مجمع الزوائد ومنبع الفوائد) وقد استوعبَها ابن عقدة الکوفی في كتاب مفرد و هو کتاب الولایة.

اما حصیلة العشق لأهداف قضیة الغدیرِ السامیة، الغیرة، وانتهازِ الفرصة، والعملِ الدؤوب عند العلامة أمینی(ره) و کتابه القیم ألا وهوکتاب الغدیر الذی إلی يومنا هذا ، لم يتمكن أحد من الطعن فیه.
لم یُؤلَف إلی حد الآن کتابٌ مثله، یتمیز هذا الکتاب في محتواه، ورصانة ما ورد فیه، الابتکار والإبداع وکذلک یتمتع هذا الکتاب القیم بالشمولیة وتنوع موضوعاته، والاحتواء علی کمّ هائل من المعارف، ولایمکن مقارنة أي کتاب بکتاب الغدیر لأنه یتمیز بمیزات لاتُضاهی.
اسلوب هذه الموسوعة الإسلامية تهدف إلی توحید الأمة الإسلامية.حیث إن المؤلف کان أمینا في نقل ماأورده من مصادر أهل السنة وقام بالنقد البنّاء والمهذب کمعلم حنون.
علی ذلک من بين الأمور التي يجب أخذُها على محمل الجد هو التعرف علی مثل هؤلاء العلماء ومثل هذه الأعمال ، حتى يتمكن الجيل الشاب من معرفة ماضيهم الثقافي والتعرف علی قدوات ونماذجَ مناسبة واتباعها.

اما الخلاف الذي حصل بين المسلمين کان في فهم هذا الحديث و الا المسلمین اتفقوا على ثبوت الحدث ، فالشيعة، وهم أتباع مدرسة أهل البيت (عليهم السلام)، يفهمون أن هذا نصٌ صريح في تنصيب الإمام علي بعد رسول الله ، أما غيُرهم من المسلمين فيفهمون أن هذا الأمرَ لا يَعدوا عن كونه بيانٌ لمكانةِ الإمام علي وفضله، ووجوبِ محبته ومودته.

ایها الاخوة
الإنسان الموضوعي في قراءته لهذا الحدث، مع دمج الأحاديث الأخرى التي تُبينُ مرجعيةَ أهلِ البيت (عليهم السلام) كحديث الثقلين، وبدراسة ظروف الواقعة، وكذلك ما تَناقَلَ عن الأصحاب من تهنئتهم للإمام علي حتى قال الخليفة الثانیة: بخ بخٍ لك يا علي أصبحت مولاي ومولى كل مؤمنٍ ومؤمنة،
من خلال هذا كلَّه لایبقی مجالٌ للشک فی النص على ولاية الإمام علي وأحقيته بالإمامة، وأما ما يَفهمُه الآخرون فهم أحرارٌ في فهمهم وحسابُهم على الله، فليس من حقِّ أي أحدٍ أن يُحاسبَ الآخرين على أفكارهم ومعتقداتهم.

و اود ان اءکدَ أن الإمام لا ينظر إلى مسألة الخِلافة إلا من خلال المصلحة العامة للدين والأمة وحيث أن الدنيا لا قيمة لها عند الإمام علي ، فإن الخلافةَ والمنصب، هي متعةٌ من مُتَع الدنيا، لا تُمَثِّلُ شيئاً عند الإمام علي ، كيف لا وهو القائل:

وَ اللَّهِ لَوْ أُعْطِيتُ الْأَقَالِيمَ السَّبْعَةَ بِمَا تَحْتَ أَفْلَاكِهَا ، عَلَى أَنْ أَعْصِيَ اللَّهَ فِي نَمْلَةٍ أَسْلُبُهَا جِلْبَ شَعِيرَةٍ مَا فَعَلْتُهُ ، وَ إِنَّ دُنْيَاكُمْ عِنْدِي لَأَهْوَنُ مِنْ وَرَقَةٍ فِي فَمِ جَرَادَةٍ تَقْضَمُهَا !

و فی الختام من باب التبرک نَتَطَرَّقُ إلى بعض مفردات هذه الخطبة،
الاول
السؤال الذي بدأ به الرسول خطبتَه: ««ألست أولى بكم من أنفسكم؟»»
هذا يعني:أن سيطرتي عليكم مقدمة على سيطرتكم على أنفسكم، وفيها إشارة إلى ولاية الرسول على الناس.
الثانی
الفقرة التي تلت هذا التساؤل: ««من كنت مولاه فعلي مولاه»»،
يؤكد فيها الرسول أن ولاية الإمام علي على الناس بعد الرسول هي بنفس درجةِ ولاية الرسول على الناس في حياته.
و أننا نؤمن بأنه ليس هناك شخصيةٌ كشخصية الإمام علي بعد رسول الله ، لا يُسْبَقُ بِقَرابَةٍ في رَحِمٍ وَلا بِسابِقَةٍ في دينٍ، وَلا يُلْحَقُ في مَنْقَبَةٍ مِنْ مَناقِبِهِ وليس هناك صفاء ونَقاء في الشخصية كما هو الحال في شخصية الإمام علي ، فهل يُحق لأحدٍ بعد هذا أن يلومَنا على ولايتِنا لأمير المؤمنين .

و الکلمة النهائیة ایها الاحباء: إن ولاية أمير المؤمنين تعني الالتزام بسيرته ومنهجه، فیجب ان نتامل فی سلوکنا و أفعالنا هل نحن فعلا ملتزمون باتباعه و بالاقتداء به
هذا ما نسالُ الله سبحانه و تعالی ان یوفقنا الیه.

و اختم کلامی بذکر فقرةٍ اساسیةٍ فی خطبة رسولِ الله فی یوم الغدیر و هی مَعَاشِرَ النَّاسِ اِنَّی نَبِیٌّ وَ عَلیٌّ وَصِیّی. اَلا اِنَّ خاتَمَ الْاَئِمَّةِ مِنَّا الْقائِمَ الْمَهْدِىَّ
عجل الله تعالی فرجه الشریف و جعلنا الله و ایاکم من خیر اعوانه و انصاره و اغفر للمومنین و المومنات.

اعوذ بالله من الشیطان الرجیم
بسم الله الرحمن الرحيم
وَالْعَصْرِ
إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ
إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ
وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ
صدق الله العلي العظيم

السلام عليكم ايها المومنون و ايتها المومنات
و رحمة الله و برکاته
اعوذ بالله من الشیطان رجیم
بسم الله الرحمن الرحیم

الْحَمْدُ للهِ كُلَّما حَمِدَ اللهَ شَيءٌ الْحَمْدُ للهِ كَما يُحِبُّ اَنْ يُحْمَدَ الْحَمْدُ للهِ كَما يَنْبَغي لِكَرَمِ وَجْهِهِ وَعِزِّ جَلالِهِ
الْحَمْدُ لِلّٰهِ بِجَمِيعِ مَحامِدِهِ كُلِّها ، عَلَىٰ جَمِيعِ نِعَمِهِ كُلِّها الْحَمْدُ لِلّٰهِ الَّذِى يُؤْمِنُ الْخائِفِينَ ، وَيُنَجِّى الصَّالِحِينَ

اللّٰهُمَّ صَلِّ عَلَىٰ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ وَأَمِينِكَ وَصَفِيِّكَ وَحَبِيبِكَ وَخِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ ، وَحافِظِ سِرِّكَ ، وَمُبَلِّغِ رِسالاتِكَ سیدنا ابی القاسم المصطفی محمد
اللّٰهُمَّ وَصَلِّ عَلَىٰ وَصِيِّ رَسُولِ رَبِّ الْعالَمِينَ ، عَبْدِكَ وَوَ لِيِّكَ وَأَخِي رَسُولِكَ وَحُجَّتِكَ عَلَىٰ خَلْقِكَ ، امامِ المتقین امیرِ المومنین علیِ بن ابیطالب صلوات الله و سلامه علیه وَصَلِّ عَلَى الصِّدِّيقَةِ الطَّاهِرَةِ بنتِ رسولِك و زَوْجَةِ وَلِيِّك فاطمةَ الزهراء صلوات الله علیها ، وَصَلِّ عَلَىٰ سِبْطَىِ الرَّحْمَةِ ، وَ إِمامَىِ الْهُدىٰ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ سَيِّدَيْ شَبابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ صلوات الله علیهما، وَصَلِّ علی ائمة المسلمین الامام علی بن الحسین زین العابدین و محمد بن علی الباقر و جعفر بن محمد الصادق و موسی بن جعفر الکاظم و علی بن موسی الرضا و محمد بن علی الجواد و علی بن محمد الهادی و الحسن بن علی الزکی العسکری
وَصَلِّ عَلَىٰ وَليِّ أَمْرِكَ الْقائِمِ الْمُؤَمَّلِ ، وَالْعَدْلِ الْمُنْتَظَرِ ، وَحُفَّهُ بِمَلائِكَتِكَ الْمُقَرَّبِينَ ، وَأَيِّدْهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ يَا رَبَّ الْعالَمِينَ.

عباد اللّه اتّقوا اللّه و كونوا للظّالم خصما و للمظلوم عونا. اقول قولى هذا و استغفر اللّهَ لى و لكم.

قال الله سبحانه و تعالی فی محکم کتابه:
وَلا تَحسَبَنَّ الَّذينَ قُتِلوا في سَبيلِ اللَّهِ أَمواتًا ۚ بَل أَحياءٌ عِندَ رَبِّهِم يُرزَقونَ﴿۱۶۹﴾

قُتل مظلوما شهیدا في یوم۲۲ الثانی و العشرین ذي الحجّة عام ۶۰ﻫ، أي: قبل وصول الإمام الحسين(عليه السلام) إلى العراق بعشرة أيّام، بمدينة الكوفة، ودُفن فيها، وأصبح قبرُه معروف يُزار صحابی رسول الله و أمير المؤمنين علي (عليه السّلام) وخاصّته وحواريّه، ومستودع أسراره ومَغرس علومه و هو ما کان الا ميثمَ بنَ يحيى التّمار ره و من شأنه وشرفه أن يذكُرَه رسولُ الله (صلّى الله عليه وآله) في جوف الليل مرّات عديدة

فمن هو ميثم التمار؟؟
هو ميثم بن يحيى التمار، و كان عبداً لامرأة من بني أسد، ثم أسلم فاشتراه أميرُ المؤمنين عليُ بن أبي طالب عليه السلام و أَعتَقَه، فأصبح ملازماً لعلي عليه السلام ملازمة الظل صاحبه فكان يحذو خلفه حذو الفصيل أثر أمه، فاكتسب من علومه و معارفه ما لم يكتسبه إلا القلة من حواري الإمام عليه السلام، و قد أطْلَعَه (عليه السّلام) على علمٍ كثيرٍ وأسرارٍ خفيّة مِن علوم الغيب ومعرفة البلايا والمنايا و أسرار الوصيّة ..
و جدیر بالذکر بان أبناؤه و احفاده من رواة الحدیث لأئمة الشيعة ، ومنهم علي بن إسماعيل بن شعيب بن ميسم ، أحد علماء الشيعة ومن أوائلَ مؤلفي كتب الفقه.

وروي الكليني انه قيل: كان مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السّلام) يخرج من الجامع بالكوفة، فيجلس عند مِيثم التمّار (رضي الله عنه) فيُحادثه، فيقال: إنّه قال له ذاتَ يوم: ألا أُبشّرك يا ميثم؟ فقال: بماذا يا أمير المؤمنين؟! قال: بأنّك تموت مصلوباً، فقال: يا مولاي، وأنا على فطرة الإسلام؟ قال: نعم.
ثمّ قال (عليه السّلام) له: يا ميثم، تريد أُريك الموضعَ الذي تُصلَب فيه، والنخلة التي تُعلَّق عليها ؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين. ثمّ أراه الامام النخلة.

أمر معاوية بصلبه ـ أي: أمر في حياته، ونُفّذ أمرَه بعد هلاكه ـ، فصُلِب ميثم على تلک النخلة في ذلك المكان فكان أوّل خَلقِ اللهِ أُلجِم في الإسلام.
كان قتل ميثم (رحمه الله) قبل قدوم الحسين بن عليّ (عليهما السّلام) الی العراق بعشرة أيّام، صُلِب ميثم التمّار (رضوان الله عليه) يوم الأحد في العشرين من ذي الحجّة سنة ستّين من الهجرة، وقُتل يومَ الثلاثاء في الثاني والعشرين من ذي الحجّة.

فرسم للمسلمین اللوحةَ المميَّزة في المولاة للعترة الطاهرة و التبري من أعدائهم.

و فی نهایة الخطبه اری من الواجب
ان اتقدم الى الشعب لبنانی العظیم الصامد بأحرّ التعازي وخالص المواساة في هذه الكارثة المؤلمة.
إن الصبر في مواجهة هذا الحادث صفحةٌ ذهبية أخرى تُضاف الى مفاخر لبنان ،لبنان صامدٌ ولن تُزَلزِلهُ العواصف.
ابناء لبنان اناسٌ تم اختیارِهم من اجل خوض الاختبارات الالهیة الصعبة و سوف یُعینُهم اللهُ حتما ان شاء الله .
علینا ان نقفَ مع هذا الشعب الکریم مادیا و معنویا في هذا الظرف العصيب.

قلوبنا و دعاونا مع شعبِ لبنانِ الکریم و مع جمیع الاحرار فی العالم فنسئل الله الباری جل و علی الرحمةَ الواسعة و المغفرةَ الشاملة للشهداء و الضحایا و الصبر َوالسلوان لِذَویهم و الشِفاء للجرحی .
فنقرا الفاتحة و نُهدی ثوابها الی ارواحههم تَسبِقُها الصلاةُ علی محمد و آل محمد.

اعوذ بالله من الشیطان الرجیم

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (3)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *