خطبه الجمعه 02-07-2021
بسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ
الحمدلله ربّ العالمین. نحمده و نستعینه و نؤمن به و نستهدیه و نستغفره و نتوکّلُ علیه و نصلّی و نسلّم علی حبیبه و نجیبه و خیرتِه فی خلقه، حافظِ سرّه و مبلّغ رسالاته، بشیرِ رحمته وَ نَذِیرِ نِقْمَتِهِ ، سیّدِنا و نبیّنا و حبیبِ قلوبنا ابیالقاسم المصطفی محمّد و صلّ على ائمّة المسلمين و حماة المستضعفين و هُداة المؤمنين و صلّ على بقيّةِللَّه فى الأرضين.
عباد الله اوصيكم و نفسي بتقوی الله، و نظم امرکم
قال تعالى في محكم كتابه الحكيم:
﴿إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَلَـكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ .
حبُ الإنسانِ لذاته غريزةٌ أساس تُعدّ أصلاً لسائر الغرائز الإنسانيّة الأخرى، وبهذه الغريزة يقوم الإنسان بحماية نفسه، فيَدفع عنها الأضرار، ويَحميها من الأخطار، ويَبحث عن مصالحها، ويَدفع المفاسدَ عنها،
وهذا ما أقرّته جميعُ الشرائع السماويّة والقوانينُ البشريّة؛ كما لا تَختص هذه الغريزةُ بالإنسان، بل زوّد اللهُ كلَّ الكائنات الحيّة بغريزة الدفاع عن ذاتها، كلٌّ بحسب استعداداته التي منحتها له الخليقة.
وفي نفس الوقت الذي تواجه فيهِ الذاتُ البشريّةِ الأخطارَ التي تقف أمامَها، نلاحظ إغفالَها لخطرٍ يمكن عَدّه من أهمِّ مصادرِ الظلم والعدوان بالنسبة إليها، وهو: نفس الذات الإنسانيّة؛ إذ إن هذه النفس تَظلِمُ الإنسانَ في كثير من الأحيان، وهذا ما أشارت إليه النصوصُ القرآنيّة والروائيّة؛ حيث نلاحظ إن مضمونها عموماً يخاطب الإنسان قائلاً له:
أيها الإنسان الذي تُعَبِّئُ كلَّ قواك من أجل دفع و ردع أي عدوان خارجيّ ينتابُك، ما بالُك تَخنَعُ أمامَ ظلِمِ ذاتك لنفسک وطغيانِها عليك؟
قال تعالى:
﴿إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَلَـكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ .یونُس 44
﴿فَمَا كَانَ اللّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَـكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ .توبة 70
﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ…﴾ .نساء 97
وورد عن رسول الله أنه قال: (أعدى عدوِّكَ نفسُك التي بين جنبيك).
وعن أمير المؤمنين علي : (نفسك أقربُ أعدائك).
كيف يظلم الإنسان نفسَه؟
وقد يَسأل سائل: عن كيفيّة ظلم الإنسان لنفسه، وهل يُمكن أن يَحصُل ذلك في الحقيقة وواقع الأمر، ونحن نعرف أن الظلم يَحصُل من الإنسان للغير فقط؟
والجواب عن السوال هو موضوع الخطبة الاولی ببرکة الصلاة علی محمد و آل محمد
يمكن أن نذكر ثلاثةَ مصاديقَ لظلم الإنسان لنفسه
وهي عبارة عن:
1ـ إطلاق العنان للرغَبات
لا شكّ إن للإنسان رغبات متعدّدة كامنةً فيه، ولابد من استيفاء استحقاقاتها في إطار حدودٍ وسقوفٍ حدّدها الشرعُ والعقل،
لكن فتحُ المجال أمامَ هذه الرغبات دون قيود وشروط هو إيذاء للنفس، وظلمٌ لها، رغم السعادة الظاهريّة التي قد يَحُسّ بها الإنسان.
والمؤسِف إن البعض ممن يُطلِقون العِنان لغرائزهم، نجدهم لا يَعونَ ذلك،
ولعل نظرةً يسيرةً إلى الغريزة الماديّة، وإطلاق َالعنان لها من قبل البعض، كفيلةٌ بإيضاح هذا الأمر؛ فمن يُطلِق عنان شهوة الاكل مثلاً يَخسَرُ صحته، ومن هنا أكّدت النصوص الدينيّة على ضرورة الالتزام بالضوابط والقيود في استيفاء حقوق هذه الغريزة؛ كقوله تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا﴾ ، وآية ذلك هي صحة الإنسان وسلامةُ بدنه.
وتشير الإحصائيات إن نسبة الإصابة بالسُكَّري في العالم هي نسبة عالية جداً؛ أي ملايين شخص مصابين بهذا المرض، وكذا الأمر في مرض السُمنَة؛ حيث إن الجلوس واختزان السُعَرات الحراريّة في الجسم يتحوّل إلى امراض فتّاكة في جسم الإنسان.
مثال آخر الذي يضج به مجتمعنا هو عندما يُطلِق الانسان عنان شهوة الجنس فيصاب في بعض الاحيان بالامراض الخطيرة او يَفقُدُ محبةَ العائلة احيانا اخرى.
2ـ تحجيم الاهتمام بالماديّات
لا شكّ إن الإنسان يختلف عن باقي الكائنات الحيّة في سمو مكانته المعنوية حيث لم يُخلق من تراب خالص، وإنما نَفخ فيه خالقُه تبارك و تعالى من روحه بعد أن أحسن صنعَه وصنيعته، من هنا للانسان روحا الهيةً يتطلّع من خلالها إلى حياة أخرى غيرَ هذه حياته في الدنيا، وهذا يدعوه إلى الحفاظ على المعنويات والاستجابة لها وتنميتها، لا أن يتركَ ذاتَه منغمسةً في البعد الماديّ الخالص.
لكن المؤسِف إن البعض يذهب صوبَ الماديّات، محجّماً لذاته في الطعام والجنس والممتلكات، ويُحرِمُ نفسَه من المكاسب المعنويّة الهائلة التي كانت تتوفّر له لولا ابتعادُه عنها وإهماله لها، على أن الشارع المقدّس لا يقف أمام المكاسب الماديّة وتحصيلِها، لكنّه يدعو الإنسانَ إلى عدم تحجيم نفسه في إطارها؛ فأين الإنسان من المنجزات المعنويّة؟ وأين هو من التقدّم في ذلك العالم الذي سينتقل إليه؟
ولا شكّ إن أفق العلم والمعرفة، هو من التوجّهات المعنويّة، التي ينبغي على الإنسان أن يَنحُو نحوها، ويميلَ إليها، ومن يُحرِم نفسَه من هذه المتعة العظيمة، والمكسب الجليل، فسوف يَظلِم نفسه دون شكّ وريب.
أجل؛ على الإنسان أن يلتفت إلى هذه الميزة التي ميّزته عن سائر المخلوقات، وعلى الإنسان أن يَخصّصَ وقتاً لطلب العلم والمعرفة، كما يخصّص ساعات لتلك الأمور الماديّة؛ فقد ذمّت نصوص الدين ترك طلب العلم، والانكفاءَ على النفس، والعيش بجهالتها و ظنا منه انه يَعلم ما يَكفيه.
قال تعالى: ﴿وَقُلْ رَبِّي زِدْنِي عِلْماً﴾.
وروي عن الرسول الله القول: « كُلُّ يَوْمٍ لا أَزْدَادُ فِيهِ عِلْمًا يُقَرِّبُنِي مِنَ اللَّهِ فَلا بُورِكَ لِي فِي طُلُوعِ شَمْسِ ذَلِكَ الْيَوْمَ» .
فلننظر اي علم و عمل يُشعرنا بالقرب منه سبحانه و تعالى فلنُكثِر منه، كما نلتفتُ ان القصد من العلم هو القرب اليه جل و على و القرب لذة نَشعُرُ بها كما يَشعُر الانسان بلَذة قربِه لاهله و ولده و لكن هذه اللذة لا مَلَلَ فيها و لله المثل الاعلى و ليس كمثله شيئ سبحان ربك رب العزة عما يصفون.
كما إن تجسيد القيم الأخلاقيّة والتمثّل بها يُعدّ من أرقى اللذائذ المعنويّة الكبيرة؛ فحينما يكون الإنسان مصدراً لرسم البسمة على شِفاه الأيتام؛ وإدخالِ السرور على قلوب المكروبين والمحزونين؛ والفرج على المهمومين… أقول حينما يكون الإنسان كذلك فلا شكّ أنّه سيَحصُل على أفضل السعادات المعنويّة.
ومن هذه الإشارات المتقدّمة نفهم: إن الإنسان الذي يترك كلّ هذه المكاسب المعنويّة، فلا شكّ إنه يظلم نفسه، وهذا ما نبّه إليه الإمام عليّ حيث قال: «إِنَّ لِأَنْفُسِكُمْ أَثْمَاناً فَلَا تَبِيعُوهَا إِلَّا بِالْجَنَّة» ، وليس ذلك دعوةً للعَزوف عن اللذائذ الماديّة والابتعاد عنها، وإنما هو تشديد على ضرورة أن يكون الاستيفاء في إطار النُصب التي وضعت لها، بل قال تعالى (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ)، وكل ما دون هذا البيع خَسارة عظمى و ظلم للنفس.
3ـ ظلم الآخرين ظلم للنفس
حينما يظلم الإنسان إنساناً آخر، فهو في واقع الأمر قد ظَلَمَ نفسَه، وبَخَسها حقَّها، وعليه أن يتجنّب ظلمَ ابناءِه أو زوجته أو أقربائه أو موظفيه، أو أيِّ شخص آخر، من أجل لذّة زائلة داثرة لا استمرار لها؛ فإنّه بذلك يظلم نفسه ويتجاوز عليها.
وهكذا نعرف إن الانتصار الحقيقيّ هو الانتصار على الذات والنفس، وكما قال الأمير عليّ : «مَا ظَفِرَ مَنْ ظَفِرَ الْإِثْمُ بِهِ، وَالْغَالِبُ بِالشَّرِّ مَغْلُوب» .
فالظلم ظلمات وتبِعاتُه خطيرة، وأولُ تبِعاته مواجهةُ تأنيب الضمير (بل الانسان على نفسه بصيرة) و هو يَكرَهُ الظلم و يَكرَه فِعلَتَه ويَكرَه نفسَه بسبب هذا الظلم فتَسقُط مكانتُه عند نفسه.
ثم سوء السمعة لدى الآخرين، وقد يقع الإنسان تحت طائلة العقوبة وردّ الفعل ممن أصابه ظلمُه، أو يناله البلاء، أما التَبِعةُ الأشد فهو العذاب في الآخرة، يقول تعالى :﴿وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَاباً كَبِيراً﴾، يقول علي : (وَ مَنْ ظَلَمَ عِبَادَ اللَّهِ كَانَ اللَّهُ خَصْمَهُ دُونَ عِبَادِهِ وَ مَنْ خَاصَمَهُ اللَّهُ أَدْحَضَ حُجَّتَهُ وَ كَانَ لِلَّهِ حَرْباً حَتَّى يَنْزِعَ أَوْ يَتُوبَ) .
وعنه : (وَ أَمَّا الظُّلْمُ الَّذِي لَا يُتْرَكُ فَظُلْمُ الْعِبَادِ بَعْضِهِمْ بَعْضاً الْقِصَاصُ هُنَاكَ شَدِيدٌ لَيْسَ هُوَ جَرْحاً بِاْلمُدَى وَ لَا ضَرْباً بِالسِّيَاطِ وَ لَكِنَّهُ مَا يُسْتَصْغَرُ ذَلِكَ مَعَهُ) .
هذه كانت التفاتةٌ لبعض مصاديق ظلم الإنسان لنفسه و كيفيّاته فی جواب السائل عندما یسال كيف يظلم الإنسان نفسه؟
نعوذُ باللهِ من أعدى عدونا ،شرورِ أنفسِنا ، ومن سيئاتِ أعمالِنا وَ نسْأَلُکَ اللهم أَنْ تُصَلِّیَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ أَنْ تَغْفِرَ لنا جَمِیعَ مَا أَحْصَیْتَ مِنْ مَظَالِمِ الْعِبَادِ قِبَلِنا فَإِنَّ لِعِبَادِکَ عَلَینا حُقُوقاً نحن مُرْتَهنون بِهَا تَغْفِرُهَا لنا کَیْفَ شِئْتَ وَ أَنَّى شِئْتَ یَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِین…
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَالْعَصْرِ ﴿۱﴾
إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ﴿۲﴾
إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴿۳﴾
السلام عليكم ايها المومنون و ايتها المومنات
و رحمة الله و برکاته
اعوذ بالله من الشیطان رجیم
بسم الله الرحمن الرحیم
الْحَمْدُ للهِ كُلَّما حَمِدَ اللهَ شَيءٌ الْحَمْدُ للهِ كَما يُحِبُّ اَنْ يُحْمَدَ الْحَمْدُ للهِ كَما يَنْبَغي لِكَرَمِ وَجْهِهِ وَ عِزِّ جَلالِهِ
الْحَمْدُ لِلّٰهِ بِجَمِيعِ مَحامِدِهِ كُلِّها ، عَلَىٰ جَمِيعِ نِعَمِهِ كُلِّها الْحَمْدُ لِلّٰهِ الَّذِى يُؤْمِنُ الْخائِفِينَ ، وَيُنَجِّى الصَّالِحِينَ
اللّٰهُمَّ صَلِّ عَلَىٰ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ وَأَمِينِكَ وَصَفِيِّكَ وَحَبِيبِكَ وَخِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ ، وَحافِظِ سِرِّكَ ، وَمُبَلِّغِ رِسالاتِكَ سیدنا ابی القاسم المصطفی محمد
اللّٰهُمَّ وَصَلِّ عَلَىٰ وَصِيِّ رَسُولِ رَبِّ الْعالَمِينَ ، عَبْدِكَ و وَلِيِّكَ وَأَخِي رَسُولِكَ وَحُجَّتِكَ عَلَىٰ خَلْقِكَ ، امامِ المتقین امیرِ المومنین علیِ بن ابیطالب صلوات الله و سلامه علیه
وَصَلِّ عَلَى الصِّدِّيقَةِ الطَّاهِرَةِ بنتِ رسولِك و زَوْجَةِ وَلِيِّك فاطمةَ الزهراء صلوات الله علیها
، وَصَلِّ عَلَىٰ سِبْطَىِ الرَّحْمَةِ ، وَ إِمامَىِ الْهُدىٰ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ سَيِّدَيْ شَبابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ صلوات الله علیهما
، وَصَلِّ علی ائمة المسلمین الامام علی بن الحسین زین العابدین
و محمد بن علی الباقر
و جعفر بن محمد الصادق
و موسی بن جعفر الکاظم
و علی بن موسی الرضا
و محمد بن علی الجواد
و علی بن محمد الهادی
و الحسن بن علی الزکی العسکری
وَصَلِّ عَلَىٰ وَليِّ أَمْرِكَ الْقائِمِ الْمُؤَمَّلِ ، وَالْعَدْلِ الْمُنْتَظَرِ ، وَحُفَّهُ بِمَلائِكَتِكَ الْمُقَرَّبِينَ ، وَأَيِّدْهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ يَا رَبَّ الْعالَمِينَ.
عباد الله اتقوا الله کما یقول الباری
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ قُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا الأحزاب : 70 ، 71 .
يَعلمُ الاعزة ان الآيات و الروايات تُجمِع على انه من اصعب المواقف يومِ القيامة هي حقوق الناس و مطالبتهم اياه في ذاك الموقف الذي تَتَقَطَّعُ فيه الاسباب و تُنسى الانساب و الكل في يوم القيامة لاهم لهم الا الخَلاص من النار.
و كما تعلمون الامر ليس بسهولةِ هذه الدنيا و حساباتها، و ربما يظن البعض انه يكفي ان يموت و لا دين عليه للآخر و لكن ماذا عن كلمة قلناها فجرحت اخا لنا في الدين او اختا لنا ؟
ماذا عن النظرة التي كانت فيها استعلاء؟
ماذا نفعل بصاحب حق يطالبنا في الآخرة عن التاخير الذي تسببناه في زحمة السِيرِ له ؟
مَن منا لديه من الاعمال ما تكفيه لكل هذه الحقوق ؟
طبعا القصد كله فيما لم يتعمد الانسان ان يَظلِم حقَ احد و حاول ارضاءُ الخصوم في الدنيا اما من لم يفعل فحسابه اصعب.
اخوتي ليس لدينا ايُّ مفر الا اهلَ البيت سلام الله عليهم اجمعين و نحن جميعنا نعلم انه لولا حبُّهم لا مجال للنجاة في الآخرة.
و ها هم اهل البيت يعلمونَنا ما يعينُنا في مثل هذه المواقف في عمل و ذكر نادر جدا لم نجد ان يذكروه عليهم السلام الا هنا و لا يمكن الاتيان به الا في اربعة ايام في شهر واحد من السنة، فرأيت من الواجب التذكيرَ به قبل فوات الاوان.
یذکرُ الشیخ عباس القمی فی فیْضُ العَلام فی عَمَل الشُّهور و وَقایعِ الْاَیّام و کذلک فی مفاتیح الجنان:
اعلم انّ هذا الشّهر هو اوّل الاشهر الحرم التي ذكرها الله في كتابه المجيد، و روى السّيد ابن طاووس في حديث انّ شهر ذي القعدة موقعُ اجابة الدّعاء عند الشّدة، ورُوي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) صلاةٌ في اليوم الاحّد من هذا الشّهر ذاتُ فضل كثير، وفضلُها مُلخّصاً انّ من صلّاها قُبلت توبتُه، وغُفرت ذنوبُه، ورضىَ عنه خصماؤُه يومَ القيامة ومات على الايمان وما سَلبَ منه الدّين، ويُفسح في قبره، ويُنوّر فيه، ويَرضى عنه أبواهُ، ويُغفر لابويهِ ولذرّيّته، ويُوسّع في رزقه، ويَرفُق به ملكُ الموت عند موته، ويُخرج الرّوح من جسده بُيسر وسهولة، وصفتها أن يغتسل في اليوم الاحّد ويتوضّأ ويصلّي أربع ركعات يقرأ في كلّ منها الحمد مرّة وقُلْ هُوَ اللهُ اَحَدٌ ثلاث مرّات والمعوّذتين مرّة ثمّ يستغفر سبعين مرّة ثمّ يختم بكلمة لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إلاّ بِاللهِ الْعَليِّ الْعَظيمِ ثمّ يقول : يا عَزيزُ يا غَفّارُ اغْفِرْ لي ذُنُوبي وَذُنُوبَ جَميعِ المؤمِنينَ وَالْمُؤمِناتِ فَاِنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلاّ اَنْتَ .
جدیر بالذکر
من وقایع و احداث في شهر ذي القعدة هو اليوم الثّالِثُ والعِشرون من سنة مائتين استشهَدَ فيه الامامُ الرّضا صلوات الله وسلامه عليه على بعض الاقوال ومن المسنون فيه زيارةُ الرّضا (عليه السلام) من قرب أو بعد .
قال السّيد بن طاووس (رحمه الله) في الاقبال : ورأيت في بعض تصانيف أصحابنا رضوان الله عليهم انّه يُستحبُّ أن يزار مولانا الرّضا (عليه السلام) يوم ثالث وعشرين من ذي القعدة من قرب أو بعد ببعض زياراته المعروفة أو بما يكون كالزّيارة من الرّواية بذلك .
اما لماذا سُـمِّيَ هذا اليومُ بيوم الزیارة الخاصة للإمام رضا عليه السلام؟
قد نقل العلامة المجلسي في كتاب “بحارالأنوار” عن استشهاد الإمام رضا (علیه السلام) أنَّ البعض يعتقد أنه استُشهِد في الثالث والعشرين من ذي القعدة.
ولكن في مجتمعنا ، يُعتَبَر اليومُ الأخيرُ من شهر الصفر يومَ استشهاده.
يجب أن نقول إنَّ هذا اليوم سُـمِّيَ بيوم الزیارة الخاصة للإمام رضا عليه السلام حتى يُدرِك الناس ، نظراً إلى الذات المقدسة للإمام ، الدورَ الذي أدّاه الإمام في نشر المعارف الإسلامیة في المدینة الرضویة و سُمِّیَت هذه المدینةُ بالمدینة الرضویة لان عندما جاء الإمام رضا (عليه السلام) إلى مدینة مرو ، قام الإمام بإنشاء مدينةٍ ثانيةٍ لنشر المعارف الإسلامية فلأجل أن ینتبهَ الناسُ إلی هذه القضیة وأن يكونوا ممتنين لجهود الإمام علیه السلام فتمّت تسمیة هذا الیوم الخاص بیوم زیارة الامام لیَلفِتوا في هذا اليوم الخاص اهتمام َالناس إلی وجود الإمام رضا (عليه السلام)أکثر من ذي قبل.
ففی الختام نتقرب الی الله سبحانه و تعالی بزیارة امام الثامن من بعدٍ بذکر الصلوات الخاصة به
اَللّهُمَّ صَلِّ عَلى عَلِىِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا الْمُرْتَضَى الاِمامِ التَّقِىِّ النَّقِىِّ وَحُجَّتِکَ عَلى مَنْ فَوْقَ الاَرْضِ وَمَنْ تَحْتَ الثَّرى الصِّدّیقِ الشَّهیدِ صَلوةً کَثیرَةً تآمَّةً زاکِیَةً مُتَواصِلَةً مُتَواتِرَةً مُتَرادِفَةً کَاَفْضَلِ ما صَلَّیْتَ عَلى اَحَدٍ مِنْ اَوْلِیآئِکَ
اعوذ بالله من الشیطان الرجیم
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (3)