صلاة الجمعة – 17 ینایر 2020
بسم الله الرحمن الرحیم
الحمدلله ربّ العالمین. نحمده و نستعینه و نؤمن به و نستهدیه و نستغفره و نتوکّلُ علیه و نصلّی و نسلّم علی حبیبه و نجیبه و خیرتِه فی خلقه، حافظِ سرّه و مبلّغ رسالاته، بشیرِ رحمته وَ نَذِیرِ نِقْمَتِهِ ، سیّدِنا و نبیّنا و حبیبِ قلوبنا ابیالقاسم المصطفی محمّد و صلّ على ائمّة المسلمين و حماة المستضعفين و هُداة المؤمنين و صلّ على بَقِيَّةِ الله فِي أَرْضِهِ.
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لاَ يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلاَ مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلاَ يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُور ﴾
قال الله تعالی فی محکم کتابه:
﴿وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمْ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمْ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمْ الرَّاشِدُونَ﴾ صدق الله العلی العظیم
جاء الحديث عن الرُّشْدِ في القرآن تسعَ عَشَرَ مرةً، وفي بعضها جاء بضم الراء وسكون الشين ﴿رُشْد﴾ كقوله تعالى: ﴿لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الغَيِّ﴾[سورة البقرة الآية 256]، وقوله تعالى: ﴿فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا﴾[سورة النساء الآية 6]، وجاء في موارد أخـرى بفتح الراء وفتح الشين ﴿رَشَدا﴾ كقوله تعالى: ﴿وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا﴾[سورة الكهف الآية 10]،
وقوله تعالى: ﴿فَأُوْلَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا﴾[سورة الجن الآية 14] وهما مترادفان.
ويبدو أنّ المقصودَ بالرشد في منطق القرآن، ما يقابل الغَيّ، فهو بمعنى الهُدى في مقابل الضلال والانحراف، وهي مقابلةٌ واضحـة في قوله تعالى:
﴿وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً﴾ [سورة الأعراف الآية 146].
كما جاء استخدام الرشد في مقابل السَفَه، فيكون بمعنى حسنُ التصرف والتدبير في مقابل خِفَّة الرأي وضعف التدبير، وذلك هو مُفاد المقابَلة ضمن الحديث عن رعاية شـؤون الأيتـام في قولـه تعـالى: ﴿وَلاَ تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمْ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفًا.وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ﴾[سورة النساء الآية 5 ـ 6]. فقَبل امتلاك الرشد يكون الإنسانُ ضعيفَ الرأي غيَر ناضجِ التصرف، وهو ما يعّبر عنه بالسفه، فإذا تجاوز هذه الحالة فأطلق عليه راشداً.
قد نتحدثُ عن الرشد على مستوى الأفراد، فنَلحَظُ فرداً رشيداً يُميِّز مصلحتَه، و يَحسُن التصرفَ والتدبير، في مقابل فردٍ ضعيفِ الرأي، لا يَتخذ الموقِفَ المناسب فيما يُواجهُه من ظروفٍ وأوضاع.
وقد نتحدث عن الرشد على مستوى المجتمَعات والجَماعات، فهناك مجتمع راشد، ومجتمع يَفتَقِدُ الرشدَ والنُّضج، فكيف نُقوِّمُ المجتمعات والجماعات على هذا الصعيد؟ وما هي سَماتُ الرشدِ الاجتماعي؟
و الیوم اخصص خطبةَ الاولی فی بیان الجواب لهذین السوالین من دون ایجاز مخلل و لا اطناب ممل ان شاء الله ببرکة الصلاة علی محمد و آل محمد
في القرآن الحكيم جاء الحديث عن المجتمع الراشد ضمنَ قولـه تعالى: ﴿وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمْ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمْ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمْ الرَّاشِدُونَ﴾[سورة الحجرات الآية 7].
والآية الكريمة تشير إلى أهمِّ صفةٍ في المجتمع الراشد، وهي الانسجام النفسي والفكري والسلوكي مع المبادئ والقوانين الشرعية..
فالمبدأ الذي يُؤمَن به المجتمع، تارة يكون مجردَ هويّةٍ وعُنوان، وتارة يؤخذ المبدأُ على أساس التلقّي من الأسلاف دون وعيٍ واقتناع، وقد يَتفاعل المجتمعُ مع المبدأِ على المستوى الروحي النفسي، لكنه من الناحية العقلية الفكرية لديه تحفظاتٌ وإشكالات،
وقد يَحصُلُ العكس بوجود اقتناعٍ فكريٍ نظريٍ، دون توّفرِ انشدادٍ روحيٍ نفسي، وقد يكون المبدأ وقوانينُه أمراً مفروضاً على ذلك المجتمع لسبب أو لآخَر، وكلُ تلك الحالات تَنبَئُ عن ضعفٍ وخَللٍ في بُنية المجتمع وكيانه، حين يُؤمنُ بعقيدة موروثة دون اقتناع، أو يُدينُ بمبدأ لا يَلتزمُ بتطبيق أنظمته وقوانينه في واقع حياته، أو يَخضع لشريعةٍ بالقوة والفرض..
أما المجتمع الراشد الذي تشير إليه الآية الكريمة ﴿أُوْلَئِكَ هُمْ الرَّاشِدُونَ﴾ فهو يَتمتع بالصفات التالية:
1 ـ حب العقيدة والمبدأ ﴿حَبَّبَ إِلَيْكُـمْ الإِيمَانَ﴾ بما تَحمِلُه كلمةُ الحب من معاني الانجذاب النفسي، والانشداد الروحي.
2 ـ الوعي بالمبدأ ﴿وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ﴾ أي أدركتم بعقولكم صحةَ منهجكم الإيماني، وأنه الأفضل الذي تَزِدانُ به حياتكم.
3 ـ الردع الذاتـي عـن المخـالفـة والانحـراف ﴿وَكَرَّهَ إِلَيْكُمْ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ﴾ وهو ناتجٌ عن الصفتين السابقتين، فإذا كان الإنسان محباً لمبدئه، من أعماق نفسه، وواعياً بدينه في فكره وعقله، فإنه بذاته يَكرَه المعصية ، ويَنفَر من الخروج عن حدود النظام والقانون، وهكذا فإن الحالة العامة في المجتمع الراشد، هي الالتزام والانضباط بدافع ذاتي، واجتناب المخالَفة.
بالطبع حينما يَنسِب الخالقُ جلّ وعلا لنفسه التحبيب والتكريه، ﴿حَبَّبَ إِلَيْكُمْ﴾ و﴿وَكَرَّهَ إِلَيْكُمْ﴾ فإنه لا يعني الإجبار التكويني على ذلك، وإنما المقصودُ تَهيِئَةُ الوسائل والظروف المناسبة، والتوفيق للقبول والاستجابة.
ومن خلال الآية الكريمة، وعلى ضَوء ما حَدَّدَ به الفقهاء معنىَ الرشد، الذي يُشترط توفّرُه لإقرار أهلية التعاقد وصَلاحية التصرف عند الإنسان، يمكننا الإشارةُ إلى أهم سَمات وصفاتِ المجتمع الراشد.
1 ـ الوعي والمعرفة
إذا كان الفقهاءُ يعتبرون القدرةَ على تمييز المصلحة، والتفريقَ بين النافع والضار، هو أولُ مستويات الرشد، التي يترتب عليها الأثر الشرعي والقانوني، لجهة الاعتراف بأهلية الإنسان واستقلال شخصيته، فيمكننا أن نقتبسَ من ذلك تحديد أول مستويات الرشد الاجتماعي، وهو وعي المجتمع ومعرفته بالأمور والشؤون التي ترتبط بواقعه، ليتمكنَ من تشخيص مصلحته، والتفريق بين ما يَنفعُه أو يَضُّره كمجتمع.
إن كثيراً من الناس في المجتمع يستغرقون في همومهم الذاتية الشخصية، أو ينشغلون بمسائلَ جانبيةٍ ثانوية، ولا يلتفتون لقضايا مجتمعهم، ولا يَعُونُ الظروفُ والأوضاع التي تُحيط بأمتهم من حیث الداخلی او العالَمی.
2 ـ حسن التصرف
كيف يتصرف المجتمع تجاه الظروف والمشاكل والأزَمات؟ هل تَسوده حالةَ الاستسلام وانتظارِ المعجزة من المجهول؟ أم تُسَيطِرُ عليه الانفعالات والأحاسيس، ويُحرّكُه الحماسُ المجرد عن التخطيط السليم؟ أم يواجه التحديات بتفكير موضوعي، وبرامجٍ حكيمة؟
يُقاس رشدُ المجتمع ونُضجُه بما يَختار ويَسلِك من هذه الخِيارات، فالانهزام أمامَ المشكلة، يكشف عن فقد الإرادة وضعف الثقة، بينما الوقوع تحت حالة العاطفة والانفعال، وغياب الحكمة والتعقل، قد يُضاعفُ المشكل ويُعَمَّقُ الأزمة.
وما يقتضيهُ الرشدُ هو حسن التصرف، واتخاذ الموقف المناسب في الظرف المناسب، فقد يستلزم الظرف شدةً و قوةً، وقد يستدعي حماسةً وانفعالاً، وقد يَتَطَلَّبُ مرونةً واستيعاباً.
وفي سيرة الرسول محمد أروعُ النماذج والأمثلة لحسن التصرف في الظروف المختلفة، فالمسلمون الأوائل مع رسول اللَّه كانوا كما وصفهم اللَّه تعالى ﴿أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ﴾[سورة الفتح الآية 29] والمعارك والغَزوات التي خاضوها تكشف عن شَجاعتهم وتضحياتهم، لكن هؤلاء الأشداء على الكفار، تَقبَلوا صلحَ الحديبية في السنة السادسة للهجرة، بما تَضَمَّنَته اتفاقيةُ الصلح من شروطٍ لصالح المشركين في ظاهرها، وعلى حساب عزة المسلمين، حتى إن بعض الأصحاب سَيطَرت علي الرسول حالةُ الحماس والانفعال، واعترض على ما حصل، كما يذكر ابن هشام وسائر المؤرخين.
و لقد رفض سهيل بن عمرو المفاوض من قبل قريش أن يكتب في وثيقة الصلح: بسم اللَّه الرحمن الرحيم، وأصرَّ أن يكتب بدلها: باسمك اللَّهم. فوافق الرسول على ذلك.
و قال الرسولُ للمخالفین من مسلمین اصبروا واحتسبوا، فإن اللَّه جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجاً ومخرجاً.
ومع كلُّ ذلك اعتبر اللَّه تعالى هذا الصلح فتحاً مبيناً ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا﴾[سورة الفتح: الآية 1]، لأن نتيجته كانت في الأخير لمصلحة الإسلام، هكذا يجب أن يتحكم العقل في الموقف، وليس العاطفة المجردة، والمجتمع الراشد هو الذي يقوّم الظرف، ويتخذ الموقف المناسب تجاهه بموضوعيةٍ وتفكير.
3 ـ الاستفادة من الإمكانات
لكل مجتمع إمكاناتُه الطبيعية والبشرية، التي تَختلف وتتفاوتُ من مجتمع لآخَر، وما يمّيز المجتمعُ الراشد عن غيره، هو الاهتمام باكتشاف الإمكانات، والعمل على استثمارها والاستفادة منها، وتوظيفِها في مصلحة تقدم المجتمع.
إن بعض المجتمعات تَهمل مواردَها الطبيعية، وتتجاهل كفاءات وقدرات أبنائها، بينما تسعى المجتمعات الواعية، لتنمية مواردها، والاستفادة من إمكاناتها الطبيعية والبشرية بأكبر قدر ممكن.
وفي مجال استثمار الموارد البشرية تقدم اليابان مثلاً رائعاً، حيث تكَمِن قوتُها العلمية والاقتصادية، في تطوير مستوى الأداء التكنولوجي والصناعي لأبنائها، فاليابان الآن قوة اقتصادية عظمى في العالم رغم قلة مواردها الطبيعية.
وكم تمتلك مجتمعات أمتنا الإسلامية من قُدرات وإمكانات هائلة، لكن ما تَحتاجُه هو التوجه لاستثمارها وتنميتِها وتوظيفِها من أجل التقدم والازدهار و هذه التوجهات و طرق نجاه للامة کلها موجود فی سیرة رسول الله الاعظم
و على الأمّة أن تستقيَ من المعين الأخلاقي العظيم لنبيّها و التدقیق فی سیرته الراشدة و هي لا ينبغي أن تَذكر َلمجرّد الانبهار والتمجيد وحسب، وإنّما ينبغي أن تكون محورًا للتأسّي والاقتداء فی وصول الهدف الالهی و نصرة دین الله إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ.
رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا
نحمد الله الذی من علینا ان نکون من امة محمد صلی الله علیه و آله و نسأل الله سبحانه و تعالی أن یمن علینا بتحلی بسیرته الراشدة و صفاته الحمیدة و أن يُوفقنا لما فيه صَلاحُ دينِنا و یَعفُوَ عن ذنوبنا و يَغفرُ لنا و يَرحمُنا و عجل اللهم فی فرج مولانا.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (3)
بسم الله الرحمن الرحیم
الْحَمْدُ لِلّٰهِ بِجَمِيعِ مَحامِدِهِ كُلِّها ، عَلَىٰ جَمِيعِ نِعَمِهِ كُلِّها الْحَمْدُ لِلّٰهِ الَّذِى يُؤْمِنُ الْخائِفِينَ ، وَيُنَجِّى الصَّالِحِينَ ، وَيَرْفَعُ الْمُسْتَضْعَفِينَ ، وَيَضَعُ الْمُسْتَكْبِرِينَ ، وَيُهْلِكُ مُلُوكاً وَيَسْتَخْلِفُ آخَرِينَ ، وَالْحَمْدُ لِلّٰهِ قاصِمِ الْجَبَّارِينَ ، مُبِيرِ الظَّالِمِينَ ، مُدْرِكِ الْهارِبِينَ ، نَكالِ الظَّالِمِينَ ، صَرِيخِ الْمُسْتَصْرِخِينَ ، مَوْضِعِ حاجاتِ الطَّالِبِينَ، مُعْتَمَدِ الْمُؤْمِنِينَ .
الْحَمْدُ لِلّٰهِ الَّذِى مِنْ خَشْيَتِهِ تَرْعَدُ السَّماءُ وَسُكَّانُها ، وَتَرْجُفُ الْأَرْضُ وَعُمَّارُها ، وَتَمُوجُ الْبِحارُ وَمَنْ يَسْبَحُ فِى غَمَراتِها؛
أشهد أن لا اله الا الله لم یتخذ ولدا و لم یکن له شریک فی الملک و خلق کلَ شیء فقدّره تقدیرا.
و أشهد أن محمدا عبده المنتجب و رسوله المصطفی، بَعَثَهُ اللهُ رحمةً للعالمین
اللّٰهُمَّ صَلِّ عَلَىٰ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ وَأَمِينِكَ وَصَفِيِّكَ وَحَبِيبِكَ وَخِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ ، وَحافِظِ سِرِّكَ ، وَمُبَلِّغِ رِسالاتِكَ سیدنا ابی القاسم المصطفی محمد
اللّٰهُمَّ وَصَلِّ عَلَىٰ وَصِيِّ رَسُولِ رَبِّ الْعالَمِينَ ، عَبْدِكَ وَوَ لِيِّكَ وَأَخِي رَسُولِكَ وَحُجَّتِكَ عَلَىٰ خَلْقِكَ ، وَآيَتِكَ الْكُبْرىٰ ، وَالنَّبَاَ الْعَظِيمِ ، امام المتقین امیر المومنین علی بن ابیطالب صلوات الله و سلامه علیه
وَصَلِّ عَلَى الصِّدِّيقَةِ الطَّاهِرَةِ مُهجةُ قلب الرسول فاطمةُ الزهراءُ سَيِّدَةِ نِساءِ الْعالَمِينَ صلوات الله علیها
، وَصَلِّ عَلَىٰ سِبْطَىِ الرَّحْمَةِ ، وَ إِمامَىِ الْهُدىٰ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ سَيِّدَيْ شَبابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ صلوات الله علیهما
، وَصَلِّ علی ائمة المسلمین الامام علی بن الحسین زین العابدین
و محمد بن علی الباقر
و جعفر بن محمد الصادق
و موسی بن جعفر الکاظم
و علی بن موسی الرضا
و محمد بن علی الجواد
و علی بن محمد الهادی
و الحسن بن علی الزکی العسکری
وَصَلِّ عَلَىٰ وَليِّ أَمْرِكَ الْقائِمِ الْمُؤَمَّلِ ، وَالْعَدْلِ الْمُنْتَظَرِ ، وَحُفَّهُ بِمَلائِكَتِكَ الْمُقَرَّبِينَ ، وَأَيِّدْهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ يَا رَبَّ الْعالَمِينَ.
اوصيكم و نفسي بما اُوصِیَ الله (سبحانه و تعالي) عبادَه المؤمنينَ بالتقوي حيث قال: فَاتَّقُوا اللّه َ یأُولی الأَلبَب لَعَلَّکم تُفلِحُون
وَ مَن یتَّق اللّه َ یجعل لَّه مخرجا * وَ یَرزُقهُ من حیثُ لا یحتسِب
اخوة الإيمان
تلقينا بقلقٍ بالغ خبر تعرض سماحة سيدنا المرجع الأعلى السيد علي السيستاني دام ظله الى وعكةٍ صحية وإصابتُه بكسرٍ في فَخذِه وإجراءُ عملية جراحية لسماحته”.
و التي تَتَوَجَّت بنجاح بفضل الله سبحانه و علی
ندعو الباري أن يمنَّ عليه بمَوفور الصحة والعافية، ويتم نعمتَه علينا و على العراق وشعبِه و جميعِ البلدان بتمام تماثله للشفاء، و نسأل من الله تعالی له أن يحميه ويُجنبَه كلَّ مكروه ويحفظَه ذخراً للأمة الاسلامية.
إنه سميع مجيب
اما بعد قال الله تعالی فی محکم کتابه:
أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ۖ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ۗ قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا ۖ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَىٰ لِلْعَالَمِينَ (90)انعام
وُرد عن عائشة قالت: ما رأيت أحدًا أشبه كلامًا وحديثًا من فاطمةَ برسول الله وكانت إذا دخلت عليه رحَّب بها، وقام فأخذ بيدها فقبلها وأجلَسَها في مجلسه. وزاد الحاكم في رواية آخرى، وكانت إذا دَخَلَ عليها رسولُ الله قامت إليه مستقبلة وقَبَّلت يده.
و أحاديث النبي عن فاطمة تصف مكانتَها على الحقيقة، وليس فيها مبالغة، بل يُحق لنا أن نقول أن هذه الأحاديث لا تُظهِرُ كلَّ مقام الزهراء وإنما بعضٌ منه
لقد مرّت بنا ذکری استشهاد ام ایبها علی بعض الروایات ونحن على أعتاب ذكرى الثالثة الاخیره لسيدة نساء العالمين الصديقة فاطمة الزهراء لا بد أن نتشرف بذكر شيء من سيرتها وفضائلها العطرة لکن لضیغ الوقت من دون تفصیل و اطناب ممل .
الأحاديث التي تَرويها مصادرُ الحديث من مختلف المذاهب عن رسول الله في حق ابنته فاطمةَ الزهراء أحاديث كثيرة ٌوحينما يقف الإنسان أمامها متأملًا فإنه يستطيع أن يستنتج منها الكثير.
ومن هذه الأحاديث نذكر ما يلي من باب التبرک و التذکرة:
ورد عن رسول الله : (وإِنَّمَا فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي ، يُؤْذِينِي مَا آذَاهَا). وعنه : (أحبَّ أهلي إليَّ فاطمة) وعن امیر المومنین أن رسول الله قال: (إذا كان يومَ القيامة نادى مناد من وراء الحجب يا أهل الجمع غضوا أبصاركم عن فاطمة بنتِ محمد حتى تمر). وفي حديث نقله البخاري: (فاطمة بَضعةٌ مني فمن أغضبها أغضبني) وفي حديث آخر قال لفاطمة : (أما تَرْضَيْنَ أنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ أهْلِ الجَنَّةِ) وفي حديث عنه : (فداها أبوها) هذه الأحاديث الكثيرة يمكننا أن نستنتج منها أموراً و اکتفی بامرین:
الاول مكانة فاطمة:
اظهار مكانة فاطمة وعظمتها لأن الرسول لا ينطق عن الهوى، كلامُه ليس من باب العاطفة، لو لم تكن فاطمة مستَحَقة لهذا القول منه لما قاله ، إذًا نحن نستطيع أن نفهمَ من هذه الاحاديث شيئًا من مقام فاطمةَ الزهراء بمقدار استيعابنا لا كلِّ قدرها ومقامها, ويكفي أنها في المباهلة كانت ممثلة لجميع نساء الأمة (ونساءنا ونساءكم) الرسول كانت له عدة زوجات ولديه عمات وصحابيات جليلات، لكنه خرج بابنته فاطمة لتمثل كل نساء الأمة.
الثانی الحق مع فاطمة:
تزكية سيرة ومواقفُ الزهراء هذه الأحاديث تدل على أن مواقف الزهراء وكلامَها صحيحٌ وحقٌ، فهي تزكيةٌ لكل مواقفها وسيرتها، وهذا يعني أننا حينما نقرأ في التاريخ أن أي خلاف بين فاطمة وبين أي أحد آخر لابد أن يكون الحق معها، لأن الله يرضى لرضاها ويَغضَب لغضبها، وأحبُ الناس لرسول الله فهل يمكن أن يقع الخطأ في مواقفها؟ حينما نقرأ ما حصل بعد وفاة رسول الله من مطالبة الزهراء بفدك علينا أن نعلم أن هذه الاحاديث تستدعي تزكية مواقف السيدة الزهراء وأنَّ قولَها يُمثِّل الحق.
قدّم الإسلام فاطمةَ الزهراء باعتبارها المثال النموذجي للمرأة بل للانسان الکامل لکی تکون قدوة للأجيال فی کل عصر و زمان. هذه المرأة التي توفرت فيها كلُّ صفاتِ الكمال. وعلى غرار ذلك ينبغي أن نسعى رجالا و نساء نحو اكتساب الصفات الفاضلة الكريمة التی اتصفت کما قال ابوها رسول الله الاعظم صلی الله علیه و آله و سلم عنها «فاقتدوا (فاهتدوا) بالزهرة سلام الله علیها.
هنا أعود الى الآية الكريمة التي كانت مطلعا لخطبتي (*اولَٰئِكَ الَّذِينَ
هَدَى اللَّهُ ۖ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ** ۗ* ) علينا العثور بأنفسنا على قدوة؛ و هذا الذی امرنا الباري عزوجل نبيه أن يقتدي بمن سبقوه من الأنبياء، رغم أنهم سبقوه بآلاف السنين…
فسلام الله عليها يومَ ولدت و يومَ استشهدت ويوم تبعث حيا.
بسم الله الرحمن الرحیم
إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)
صدق الله العلی العظیم