خطبه الجمعه الثالثه فی موضوع دور الأخلاق في الحياة والحضارة الإنسانيّة فی یوم 11 جمادی الثانی 1443
خطبه الجمعه الثالثه فی موضوع دور الأخلاق في الحياة والحضارة الإنسانيّة فی یوم 11 جمادی الثانی 1443 المطابق لیوم 14دسامبر2022
يعتقد البعض من غير المطّلعين، أنّ المسائل الأخلاقيّة تمثل أمراً خاصاً في حدود الحياة الشّخصية للإنسان، أو أنّها مسائل مقدّسة معنويّة، لا تفيد إلّافي الحياة الاخرويّة، وهو أشتباه محض، لأن أكثر المسائل الاخلاقيّة لها أثرها في واقع الحياة الإجتماعيّة للإنسان، فالمجتمع البشري بلا أخلاق، سينقلب إلى حديقةِ حيواناتٍ لا يُجدي معها إلّاالأقفاص،. والحقيقة أنّ الحياة الفرديّة للإنسان، لا لَطافةَ ولا شفافيّة لها بدون الأخلاق. ولن تصل العوائل إلى برِّ الأمان من دونها، ولكنّ الأهمَّ من ذلك هو الحياة الإجتماعيّة للبشر، فما لميتمسك أفراد المجتمع بالأخلاق، فستكون نهاية المجتمع أليمة وموحشة جدّاً.ولرب قائل يقول: إنّ السّعادة و التكامل في واقع المجتمع البشري، يمكن أن يتحقّقا في ظِلِّ العمل بالقوانين و الأحكام الصّحيحة، من دون الإعتماد على مبادىء الأخلاق في الفرد.و نقول له: إنّ العمل بالقوانين، من دون وجود قاعدةٍ متماسكةٍ من القِيم الأخلاقيّة لدى الفرد غير ممكن، لأنّ الإيمان و الأخلاق، يُعتبران من أفضل الأساليب لتنفيذ أيّة قرارات.و هنا نشیر بآیۀ من آ لآيات القرآنيّة الناظّرة إلى هذه المسألة المهمّة، و«الآية »التی نقرء ها و نشرحهها قلیلا : «وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ إِدْفَعْ بِالَّتِي هِىَ أَحْسَنُ فَاذَا الّذي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَ ما يُلَقّاها إِلّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَ ما يُلَقّاها إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ» [2]. سورة فصّلت، الآية 34 و 35. تتحرك هذه آلایۀ في إطار بيان طريقةٍ مُهمّةٍ و مُؤثرةٍ جداً لدفع العداوات والضّغائن، وتوضّح أيضاً دور الأخلاق في إزالتها: «إِدْفَعْ بِالَّتي هِيَ أَحْسَنُ فَاذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كأَنَّهُ وَلِيُّ حَمْيمٌ».ويضيف قائلًا: إنّ هذا الأمر، أي سِعة الصّدر، أمرٌ لا يقدر عليه كلّ أحد، بل يختصّ بها من اوتي حظّاً عظيماً من الإيمان و التّقوى، فيقول: «وَما يُلَقّاها إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَما يُلَقّاها إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيْمٍ».إنّ إحدى المشاكل الكبيرة للمجتمعات البشريّة، هي تراكم الحقد و الكراهيّة في النفوس، وفي حال وصولها الذّروة، فإنّ من شأنها أن تفضي إلى إشعال نيران الحروب، التي تحرق معهاكلّ شيء وتحوله إلى رماد.ومع تحرك الإنسان من موقع: «إدفع بالّتي هي أحسن»، فستذوب الأحقاد و الكراهيّة كالثّلج في الصّيف، وستتخلص المجتمعات البشريّة من خطر الحروب، و تقلّ الجنايات، و تنفتح البشريّة على أجواء المحبّة و التعاون و التّكامل الإجتماعي. وكما يقول القرآن الكريم،: إنّ هذا المستوى الأخلاقي لا يصدر من كائن من يكن، حيث يتطلب قوّة الإيمان و التّقوى والتربية الأخلاقيّة.ومن الطبيعي أنّ الخُشونة إذا ما قابلتها الخُشونة، و السّيئة دُفعت بالسّيئة، فستطّرد هذه السّلبيات وتتوسع يوماً بعد يوم، و بالتّالي ستجر الويلات و المآسي على المجتمع البشري. ایها المومنو ن و ایتها المومنات عندما تتلوا سُورةَ فُصِّلت، فتأتي على قولِه -تعالى: (وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ)، لا تملكُ إلا أن تقولَ في نفسِكَ: صدقَ اللهُ -تعالى فكيفَ يكونُ العملُ والقولُ الحَسنُ كالعملِ والقولِ السَّيئِ؟، هذا مُحالٌ، ثُمَّ يأتيكَ مِثالٌ عمليٌّ على هذه القاعدةِ، (ادفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)، أيْ: أَحسنْ إلى من أساءَ إليكَ، واصبرْ على من أخطأَ عليكَ، واعفُ عمَّن جَهلَ عليكَ، وسترى النَّتيجةَ: (فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ)، فيُصبحُ العدوُّ كأنَّه قريبٌ وصديقٌ، ثُمَّ ذكرَ اللهُ -تعالى- من يستطيعُ تحصيلَ هذه الخصالِ الكريمةِ بقولِه: (وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ)[فصلت:34-35] سبحانَ اللهِ! أخبروني من منكم قد جرَّبَ هذا؟، إذا علمنا أنَّه أحياناً مجردُ العداوةِ فقط تجعلُكَ لا تُطيقُ النَّظرَ إلى عدوِّكَ، ولا أن تجتمعَ معه في مكانٍ واحدٍ، بل وتشعرُ أن الكرةَ الأرضيةَ بشرقِها وغربِها وشمالِها وجنوبِها لا تتَّسعُ لكما جميعاً، كيفَ عدوٌّ ويُسيءُ إليكَ؟، ومع ذلكَ أنتَ مأمورٌأن تدفعَ إساءتَهُ بإحسانٍ ووجهٍ مُبتسمٍ وكلمةٍ طيبةٍ؟، فمن يستطيعُ هذا؟، وكيفَ يستطيعُ إخفاءَ نظراتِه العِدائيةِ التي تظهرُ على صفحاتِ وجهِه، إنَّها واللهِ أخلاقُ الأنبياءِ، ومواقفُ العُظماءِ، واسمعوا إلى يوسفَ -عليهِ السَّلامُ-، على ما لقيهُ من إخوتِه من حَسدٍ وكَيدٍ وعَداءٍ، حتى كادوا له وهَمُّوا بقتلِه وألقوهُ بِجبٍّ في الصَّحراءِ، ثُمَّ أصبحَ رقيقاً مملوكاً في بلادِ الغُرباءِ، ودخلَ السِّجنَ سنينَ مظلوماً مع الأبرياءِ، واتَّهموهُ بالسِّرقةِ كذباً وافتراءً، (قَالُوا إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ)[يوسف:77]، ولسانُ حالِه:ولكنَّه قابلَ ذلك كلَّه بالإحسانِ والعفوِ، بل والدُّعاءِ لهم بالمغفرةِ؛ (قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آَثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ * قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ)[يوسف:91-92]، فماذا كانَ نتيجةُ الإحسانِ، انقلبَتْ العداوةُ إلى وُدٍّ ومَحبةٍ وصفاءٍ، وعاشوا ما بقيَ من حياتِهم في سعادةٍ وهناءٍ.وها هو نبيُّنا الكريمُ -عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ-، قد أُوذيَ بأعظمَ من ذلك في مكةَ؛ وحاولوا قتلَه على سريرِه، وأُخرجَ من بلدِه عُدوانًا وظُلمًا، ثُمَّ قاتلوه وهو في المدينةِ ليفتِكوا به ومن معه من المسلمينَ، ثُمَّ لما نَصرَه اللهُ عليهم، قالَ لهم وهم مجتمعونَ في يومِ النَّصرِ العظيمِ: “لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه، ماذا تقولونَ، وماذا تظنونَ؟”، قالوا: نقولُ خيرًا، ونظنُّ خيرًا: أخٌ كريمٌ، وابنُ أخٍ كريمٍ، وقدْ قَدرتَ، قالَ: “فإني أقولُ لكم كما قالَ أخي يوسفُ -صَلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ-: (لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ)؛ اذهبوا فأنتم الطُّلقاءُ فالتاريخ الإسلامي كان وما زال يحتفظ ويفتخر بمواقف آ ل الرسول (عليهم السلام) التي يستفاد منها مدى اعتنائهم الی اللين والعفو، والتغاضي عن الإساءة وعدم ردّها بمثلها و هذا هو الإمام علي(عليه السلام) يوصي الإمام الحسن المجتبى(عليه السلام) بتوفير الماء والغذاء والراحة لقاتله ولأسير المحتجز لديهم ابن ملجم بقوله: فأطعمه يا بني مما تأكله، واسقه مما تشرب، ولا تقيد له قدماً، ولا تغل له يداً، فإن أنا متّ فاقتص منه بأن تقتله وتضربه ضربة واحدة،… وإن عشت فأنا أولى بالعفو عنه روي: إنّ شامياً رأى الإمام الحسن (عليه السلام) راكباً فجعل يلعنه، والإمام الحسن (عليه السلام) لا يردّ.فلمّا فرغ أقبل الإمام (عليه السلام) عليه وضحك،وقال: أيّها الشيخ أظنّك غريباً ولعلّك شبّهت، فلو استعتبتنا أعتبناك، ولوسألتنا أعطيناك، ولو استرشدتنا أرشدناك، ولو استحملتنا حملناك، وإن كنت جائعاً أشبعناك،وإن كنت عرياناً كسوناك، وإن كنت محتاجاً أغنيناك، وإن كنت طريداً آويناك، وإن كان لك حاجة قضيناها لك، فلو حرّكت رحلك إلينا
وكنت ضيفنا إلى وقت إرتحالك كان أعود عليك لأنّ لك موضعاً رحباً وجاهاً عريضاًومالا كبيراً فلمّا سمع الرجل كلامه بكى ثمّ قال: أشهد أنّك خليفةالله في أرضه،. فهذا الإمام الحسين (عليه السلام) عندما خرج إلى ا لكوفة اعترضه الحرّ ابن يزيد الرياحي مع رجاله البالغ عددهم نحو ألف فارس فجعجع به وبعياله ومنعهم عن مواصلة الطريق.آنذاك وفي منتصف الظهيرة أخذ الظمأ من الحرّ وجيشه مأخذاً عظيماً، فقال الإمام الحسين (عليه السلام) لفتيانه: اسقوا القوم وارووهم من الماء،. کما نری نفس هذا الاسلوب من الامام زین العابدین عند ما جاریة کانت تحمل الإبریق، وتسکب الماء لیتوضأ، فوقع على وجهه وشجه، فرفع رأسه إلیها لائماً، فقالت :والکاظمین الغیظ.قال : کتمت غیظی.قالت : والعافین عن الناس.قال : عفوت عنک.قالت : واللّه یحب المحسنین.قالت : أنت حرة لوجه اللّه بهذه الأخلاق السمحة الکریمة، وبالتقوى التی لا تعرف سوى اللّه اشتهر زین العابدین،. وکان یحسن إلى من یسیء إلیه،و من ذلک أن هشام بن إسماعیل کان أمیراً على المدینة، وکان یتعمد الإساءة إلى الإمام وأهل بیته، ولما عزله الولید، أمر أن یوقف للناس فی الطریق العام، لیقتضوا منه، وکان لا یخاف أحداً کخوفه من الإمام السجاد، ولکن الإمام أوصى أهله وأصحابه أن لا یسیئوا إلیه، وذهب إلیه بنفسه، وقال له : لا بأس علیک منا، وأیة حاجة تعرض لک فعلینا قضاؤها.وکان للإمام ابن عم یؤذیه، وینال منه، فکان یأتیه لیلاً، ویعطیه الدنانیر، فیقول : لکن علی بن الحسین لا یصلنی بشیء، فلا جزاه اللّه خیراً، فیسمع ویغفر. فلما مات انقطعت الدنانیر عنه، فعلم أنه هو الذی کان یصله. وکان یقول لمن یشتمه : إن کنتُ کما قلت، فأسأل اللّه أن یغفر لی، وإن لم أکن کما قلت فأسأل اللّه أن یغفر لک.ولما طرد أهل المدینة بنی أمیة فی وقعة الحرة أراد مروان بن الحکم أن یستودع أهله، فلم یؤوهم أحد، وتنکر الناس له إلا الإمام زین العابدین رحب بهم، وجعلهم من جملة عیاله،
ایها الاخوه و الاخوات إن الحلم والعفو والصفح من الصفات الكريمة والخصال الحميدة ، والتي يجب على المسلم أن يتحلى بها، التي لا يقدر عليها إلا أصحاب الهمم العالية، والنفوس الشامخة، والشمائل الفاضلة،والانسان في هذه الحياة فاما فی اجواء البیت و مع عائلته و زوجته و اولاده فعلیه ان لایکتفی ان یعاملهم بالعفو و الصفح بل علیه ان یدفع امرهم بالتی هی احسن او فی المجتمع وبما انه لابد أن يخالط الناس، وحول کل شخص الجيران والأقارب ، وهناك الزملاء في الدراسة، و في أماكن العمل.وبحكم هذه المخالطة فإنه لا بد وأن يصدر من بعض الناس شيء من الإساءة ، بقصد أو بغير قصد ،ولذلك فقد أمر الله تعالى عباده المؤمنين بأن يدفعوا السيئة بالحسنة فقال تعالى: (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ). وأنت حين تتحلى بهذا الخلق الكريم فإنك تحافظ على وقارك واتزانك، فلا تنجرف مع استفزازات المحرشين اللاغين ، فتكون بذلك من عباد الرحمن الذين وصفهم عز وجل بقوله: (وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ). (المؤمنون:3) وقوله تبارك وتعالى: (وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ). (القصص:55)وقوله تبارك وتعالى: (وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً). (الفرقان: من الآية63)وإن من أعظم ثمرات الدفع بالتي هي أحسن أن يتحول العدو الذي يجابهك بما يسوؤك ويؤذيك إلى نصير مدافع وصديق حميم.فما أجمل أن يعفو المرء عمن أساء إليه, ويقبل اعتذار المعتذرين, ويكون ممن يرجى خيره, ويؤمن شره, رحيما بالعامة والخاصة, يصل من قطعه, ويتجاوز عمن ظلمه. ومما يُعين على مقابلة السيئة بالحسنة : تذكُّر أنَّ هذا الفِعْل عبادة وقُربة، بل هو من أحبِّ القُرَب إلى الله تبارك وتعالى – فهو شاقٌّ على أغلب النفوس، فلا بُدَّ من الصبر عليه، فهذه العداوة ستتحوَّل بعد حين إلى مَحبَّة وصفاء ومما يُعين على مقابلة السيِّئة بالحسنة : مُراغمة الشيطان، فيُعامَل بنقيضِ قَصْده، فإذا وَسْوس لكَ وحاوَلَ إيغارَ صَدْرك على أحدٍ من المسلمين والمسلمات، فعامِلْه بنقيضِ قَصْده، فبَدِّلِ السبَّ بِمَدْحه بما فيه، ادعُ له في صلاتك في سجودك، قد تقول: هذا ثقيل على النفس، كيف أدعو لِمَن يؤذيني بالخير؟! نعلم أنَّه صعبٌ على النُّفوس؛ فهو متعسِّر على أكثر النُّفوس، لكنَّه ليس مُتَعذِّرًا، وتأكَّد أنَّك إذا تحرَّرتَ من عبوديَّة نفسك، وسألتَ الله الإعانةَ، سهَّل الله عليك هذا الأمرَ، ثم في نهاية الأمر يكون ذلك سَجِيَّة لك، وخَصْلة من خِصالك، تَفعله من غير تَكَلُّف، ومِن غير مُرَاغَمة للنفْس. فلا تعملْ بما يُمْليه عليك عَدوُّك.ومما يُعين على مقابلة السيئة بالحسنة : الالتجاءُ إلى الله بالدعاء بأنْ يزيلَ ما في صَدْرك على إخوانك المسلمين، وخصوصًا ممن هو معاصر لكَ، ومَن هو من أقرانك، فالأقران وأصحاب الأعمال المتماثِلة يَحصل بينهم نزاعٌ وشِقاق لأسباب دنيويَّة، ورُبَّما أوْهَمَ الشيطان بعضَهم أنَّ هذه العَداوة لله، والأمر قد يكون بخلاف ذلك؛ يقول ربُّنا – تبارك وتعالى -: ﴿ وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحشر: 10].ومما يُعين على مقابلة السيئة بالحسنة : تذكُّر أنَّ مِن أَخَصِّ صفات أولياء الله الذين لهم المنزلة الرفيعة عند الله، أنَّهم لا يترفَّعون على إخوانهم المؤمنين، وأنهم يذلُّون أنفسَهم حينما يتعاملون معهم وإياكَ وقولَ من يقولُ: إنَّ الإحسانَ إلى من أساءَ ضَعفٌ وذِلٌّ، لا واللهِ، بل هو شجاعةٌ وعِزٌّ، فالمومن يحتاج إلى هذا الخلق بصفة خاصة من كان له قرابة وأرحام يسيئون إليه، فإنه لا يقابل سيئتهم بمثلها ولكن يعفو ويصفح ويزداد إحسانا فالدفع بالتي هي أحسن هو الدواء لما يبلى أو ينهدم من الروابط الاجتماعية ، والمصلح لما يفسد منها ، والمجدد لما ينطمس منها، وبه تحيا معاني الخير في النفوس ، ويتبارى الناس في الإحسان ، وتغلق أبواب الشر على الشيطان، ولا يتاح للإساءة أن تتفاقم بل يغمرها الإحسان ويقضي على دوافعها ورواسبها نسال الله تبارک و تعالی ان یوفقنا بتهذیب النفوس و تقریب القلوب