خطبه الجمعه شهر رمضان 15آبریل عام 2022 المطابق 13رمضان1443

خطبه الجمعه شهر رمضان 15آبریل عام 2022 المطابق 13رمضان1443
فأوصيكم ونفسي بتقوى الله جل وعلا، فبتقواه تنال المراتب العلا في الدنيا والآخرة {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزَاً عَظِيماً}(الأحزاب: 70، 71).
عباد الله: لقد أوجب الله جل وعلا صيام شهر رمضان على العباد تطهيرًا للنفوس من تعلقها بالملذات، وحفظاً للأجساد من طغيان الشهوات، والسمو بالأرواح لمعالي الأخلاق، ومجاهدة الأبدان في الإكثار من العبادات والقربات. قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (البقرة: 183)، ورتب جل وعلا على صيام هذا الشهر مضاعفة الحسنات والأجور، قال الرسول صلی الله علیه و آله و سلم :(كل عمل ابن آدم يضاعف، الحسنة بعشر أمثالها إلي سبعمائة ضعف، قال الله تعالى: إلَّا الصوم؛ فإنَّه لي وأنا أجزي به، يدع شهوته وطعامه من أجلى. للصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه، ولخلوف فم الصائم عند الله أطيب من ريح المسك عباد الله: لقد اصطفى الله جل وعلا من شهور العام رمضان، واصطفى من رمضان العشر الأواخر منه، واصطفى من هذه العشر ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر. فمن امتن الله عليه بالحياة وبلوغ هذا الشهر فقد نال خيراً عظيماً، لأنه أدرك ركناً من أركان الإسلام وهو الصيام، وهي نعمة من أجل النعم وأعظمها لما فيه من جزيل الخيرات والرحمات والبركات.
ایها المومنون إن شهر رمضان من أفضل الشهور وأحسنها؛ لما فيه من الفضائل، والشمائل، فهو شهر الصيام، والعبادة، شهر الإنفاق و، شهر تُربى فيه النفس على الصبر، وتسمو فيه الروح بالإيثار والبذل، شهر تكثر فيه الزفرات والعبرات والبكاء من خشية رب البريات، شهر يُقبل الناس فيه على تلاوة القرآن، وكثرة ذكر الرحمن، شهر يتغير فيه الخلق والكون استبشارا بقدومه، فتشعر فيه بنسمات الإيمان تهب على القلوب لترققها، وتوقظها من غفلتها.وإنه شهر يُرى فيه الجد والاجتهاد والحرص على مرضات رب العباد بأداء الصلاة، والصيام، والقيام، وإخراج الزكاة، والإنفاق في سبيل الله، ويزداد فيه البر والإحسان، وصلة الأرحام. فعلینا بتقوية الإيمان في القلوب، واحتساب الأجر على الله، والحرص على سلامة الصوم مما يفسده، ومجاهدة النفس في القيام، ودفعها للإنفاق في وجوه البر والإحسان فعلینا ان نستفید من فرصه شهر رمضان لمحاسبة أنفسنا لنفتح صفحة جديدة في حياتنا نستغلها في العمل الصالح الذي ينفعنا عند ربنا فهل أعددنا يا عباد الله العدة التی نحتاجها لبعد حیاتنا لاستقباله؛ وهل بدأنا.
عباد الله: اعلموا بما أن شهر رمضان شهر ضیافة الله لعباده و هی فرصة عظيمة للتقرب الی الله و لتهذیب النفوس و لتقریب القلوب و لتقلیل الذنوب و للتصالح مع الله و کسب رضائه و قربه فعلیکم ان تستفیدوا من معنویات فرص’ هذا الشهر الفضیل التی امتن الله بها عليكم فاغتنموه فيما ينفعكم،و لذا ينبغي للصائم أنَ يكون أثناء صومه هادئ النفس، طيب الخلق، يضع نصب عينه أنَّ الصيام جُنَّة له من الإثم، ومن سوء الخلق، ومِن المعاصي، ومن فحش القول والعمل، وأن يقبل فی النهار على تلاوة القرآن و فی اللیل علی مناجاة الله و صلوة اللیل والخشوع و البکاء وألا يغفل أن يجاهد نفسه ویحاسبها بما يلزمها بهجر المعاصي والذنوب؛ مثل مشاهدة وسماع ما حرم الله، وأن يتنزه عن السب والشتم واللعن. کما ينبغي للصائم أن ينقطع عن علائق الدنيا التي لا تنفعه،ویبادر فيه بالأعمال الصالحة التي يسرها الله له فی هذا الشهر ورتب عليها أجوراً عظيمة،
اخوانی و اخواتی لا تستهينوا بهذا الشهر و فرصه كما استهان غيركم بأوقاته، ولينظر كل واحد فيما ينفعه لاخرته ، وليغتنم شبابه قبل هرمه، وصحته قبل سقمه، وفراغه قبل شغله، وغناه قبل فقره، وحياته قبل موته، و فکروا بان الدنیا يوم عمل ولا حساب، وغدا وآلاخرة يوم حساب ولا عمل. ولذا مَن لم يَتْبْ في رمضانَ فمتَى يَتوب؟ ومَن لم يُقلِعْ عن الذُّنوبِ في رمضانَ فمتَى يُقلِع، ومَن لم يَرحَم نفسَهُ وقتَ الصيامِ فمتَى يَرحمُها؟ ويا من زلت قدمك في بحر الذنوب قبل رمضان! ها هو شهر الطهر قد جاء، وها هو شهر الرحمة قد أهل عليك، وها هو شهر المغفرة قد أقبل عليك یا ضیف الرحمن ، فضع جبينك وأنفك في التراب ذلاً لمولاك،
واطرح قلبك بانكسار بين يدي العزيز الغفار، واعترف له بذنبك وقل له: يا رب! اِنَّ لَنا فيكَ اَمَلاً طَويلاً كَثيراً ، اِنَّ لَنا فيكَ رَجاءً عَظيماً ، عَصَيْناكَ وَ نَحْنُ نَرْجُو اَنْ تَسْتُرَ عَلَيْنا ، وَ دَعَوْناكَ وَ نَحْنُ نَرْجُو اَنْ تَسْتَجيبَ وتستغفر لَنا ، فَحَقِّقْ رَجاءَنا مَوْلانا ، فَقَدْ عَلِمْنا ما نَسْتَوْجِبُ بِاَعْمالِنا يا رب ضيعت فيما مضى من عمری ،وقل: أنا العبد الذي كسب الذنوبا وصدته الأماني أنا العبد الفقير ظلمت نفسي وقد وافيت بابكم منيبا أنا المقطوع فارحمني وصلني ويسر منك لي فرجاً قريبا أنا المضطر أرجو منك عفواً وناج لربک و ادعو و قل اَدْعُوكَ يا سَيِّدي بِلِسانٍ قَدْ اَخْرَسَهُ ذَنْبُهُ ، رَبِّ اُناجيكَ بِقَلْبٍ قَدْ اَوْبَقَهُ جُرْمُهُ ، اَدْعوُكَ يا رَبِّ راهِباً راغِباً ، راجِياً خائِفاً ، اِذا رَاَيْتُ مَوْلايَ ذُنُوبي فَزِعْتُ ، وَ اِذا رَاَيْتُ كَرَمَكَ طَمِعْتُ ، فَاِنْ عَفَوْتَ فَخَيْرُ راحِم ، وَ اِنْ عَذَّبْتَ فَغَيْرُ ظالِم،
عباد الله:الاتعرفون بإن الموت حق لا ريب فيه ويقين لا شك فيه الاتعلمون بان کل نفس ذائقة الموت ، فمن يجادل في الموت وسكرته،ومن يخاصم في القبرالمظلم و الموحش وضمته، ومن يقدر على تأخير موته وتأجيل ساعته، ﴿ فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ ﴾ إنه كأس الموت وهو حكم الحي الذي لا يموت تبارك وتعالى، ويا هاتك الحرمات إلى متى تديم زللك، ويا آكلاً لحوم الناس بالغيبة والنميمة ويا مفرط لصلوات ويا هاجراً للقرآن وعاكفاً على الأغاني والأفلام الخليعة والملهيات إلى متى سيبقى هذا هو حالك وإلى متى ستبقى تعصي رب الأرض والسماوات، أأمنت الموت وسكرته؟ أم أنك أيقنت أنك ستعيش إلى الغد؟!، أما تعلم أن الموت يأتيک بغتة والقبر صندوق العمل لک،
أما تخاف أن تؤخذ على قبيح فعلك، فلماذا تتكبر أيها الإنسان ماغرک بربک الکریم وسوف تأكلك الديدان فی القبر ، ولماذا تطغى وفي التراب ستلقى، فيا عبد الله لا تغفل عن الموت وصعوبة ترک الدنیا وأعد الزاد فی شهر رمضان و لیالیه و لیال القدر و فکر دقیقا للحظة وداعک من اهلک و آخرایامک و لحظاتک فی هذه الدنیا و لحين خروج الروح ومفارقتها جسدك و فکر بانک لابد ان تترک البیت المعمور و تنتقل من فراشک الجمیل الی القبر الذی ما مهدته لرقدتک و لنومک . ،یا عباد الله اتقوا الله وحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وأحملوا أنفسكم على الطاعات قبل أن تحملوا على الرقاب، واستعدوا للموت قبل أن ننادي بأعلى الصوت رباه ارجعون فلا يستجاب لنا. وتذكروا لحظة الموت فإنها لحظة فضيحة يفضح فيها العصاة، ويكرم فيها المؤمن بالثبات. وأبكوا على أنفسكم قبل أن يبكى عليكم، و کما یقول الامام السجاد فی دعا ابی حمزه الثمالی اطلب من الله ان یعینک با لبکاء علی نفسک اَعِنّي بِالْبُكاءِ عَلى نَفْسي ، فَقَدْ اَفْنَيْتُ بِالتَّسْويفِ وَ الاْمالِ عُمْري ، وَ قَدْ نَزَلْتُ مَنْزِلَةَ الاْيِسينَ مِنْ خَيْري ، فَمَنْ يَكُونُ اَسْوَأ حالاً مِنّي إنْ اَنَا نُقِلْتُ عَلى مِثْلِ حالي اِلى قَبْري ، لَمْ اُمَهِّدْهُ لِرَقْدَتي ، وَ لَمْ اَفْرُشْهُ بِالْعَمَلِ الصّالِحِ لِضَجْعَتي ، وَ مالي لا اَبْكي وَ لا اَدْري اِلى ما يَكُونُ مَصيري ، وَ اَرى نَفْسي تُخادِعُني ، وَ اَيّامي تُخاتِلُني ، وَ قَدْ خَفَقَتْ عِنْدَ رَأسي اَجْنِحَةُ الْمَوْتِ ، فَمالي لا اَبْكي ، اَبْكي لِخُروجِ نَفْسي ، اَبْكي لِظُلْمَةِ قَبْري ، اَبْكي لِضيقِ لَحَدي ، اَبْكي لِسُؤالِ مُنْكَرٍ وَ نَكيرٍ اِيّايَ ، اَبْكي لِخُرُوجي مِنْ قَبْري عُرْياناً ذَليلاً حامِلاً ثِقْلي عَلى ظَهْري ، اَنْظُرُ مَرَّةً عَنْ يَميني وَ اُخْرى عَنْ شِمالي ، اِذِ الْخَلائِقُ في شَأنٍ غَيْرِ شَأني { لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ * وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ * ضَاحِكَةٌ مُّسْتَبْشِرَةٌ * وَ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ * تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ } وَ ذِلَّةٌ
فیا عباد الله: . استفیدوا من فرصةهذا الشهر العظیم و استفیدوا من شهر ضیافة الله لترک الذنوب والاستغفار و التوبة للتقرب الی الله وعيدوا إلى ربّكم وجددوا التوبة قبل فوات الأوان ولاتوا ساعة مندم، فالحذر الحذر يا عبادالله والبدار البدار والتوبة التوبة وعلينا جميعاً الاستعداد لذلك اليوم وتلك النهاية. فلموت قادم إلينا لا محاله منه ولا مفر، فلنصلح البقية الباقية من أعمارنا في عبادة الله عز وجل، فوالله ما خلقنا إلا لعبادة سبحانه.فاتقوا الله عباد الله، و اعلموا بان الاستعداد للموت ليس بالأماني الباطلة والألفاظ المعسولة بل هو بهجر الذنوب والمنكرات، والالتزام بالتقوی و باطاعة رب الأرض والسموات، وإزالة الشحناء والبغضاء والعداوة من القلوب وبر الوالدين وصلة الرحم وصلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة عليه و آله فقال:﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا )استغفر الله لی و لکم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *