صلاة الجمعة 09-09-2022
أعوذ بالله من الشیطان الرجیم
بسم الله الرحمن الرحیم
الحمدلله ربّ العالمین نحمده و نستعینه و نؤمن به و نستهدیه و نستغفره و نتوکّلُ علیه و نصلّی و نسلّم علی حبیبه و نجیبه و خیرتِه فی خلقه، حافظِ سرّه و مبلّغ رسالاته، بشیرِ رحمته وَ نَذِیرِ نِقْمَتِهِ ، سیّدِنا و نبیّنا و حبیبِ قلوبنا ابیالقاسم المصطفی محمّد و صلّ على ائمّة المسلمين و حماة المستضعفين و هُداة المؤمنين و صلّ على بَقِيَّةِ الله فِي أَرْضِهِ.
اوصيكم عباد للّه و نفسی بتقوى اللّه و نظم امركم.
قال الله سبحانه و تعالی فی محکم کتابه:
مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴿۹۷﴾ النحل
صدق الله العلی العظیم
العلامة الطباطبائي یعتقد بأن الحياة الطیبة ليست بلوغُ كمالِ الحياة الدنیویة؛ بل هي منحُ حياةٍ جديدة.
يقول في تفسیره المیزان: المقصود بالإحیاء هو إعطاء الحیاة (فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً)
لذلك يكرِّم الله تعالى المؤمن بإعطائه حياةً جديدة تختلف عن الحياة العادیة للناس.
لكن ما هذه الحياة؟
وكيف يتم الحصول عليها؟
ما هي آثار هذه الحياة في الدنيا والآخرة؟
الجواب على هذه الأسئلة الثلاثة هو موضوع الخطبة الأولى ببرکة الصلاة علی محمد و آل محمد
الحياة تعني إعطاءَ الحياة لشيء ما وإفاضتُها له
لذا فإن هذه الجملة (فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ) تدل بوضوح على أن الله تعالى يُحيي المؤمنَ بحياة جديدة غير الحياة التي أعطاها للآخرين.
وهذا لا يعني أنه سبحان و تعالی يغير حياتَه ، فهذه إحیاءٌ ثانٍ بعد الإحیاء الأول ودخولِه هذا العالم.
يقول ابن منظور إن “الحياة” نقيض “الموت”.
وهذا يعني أن الشخص الذي لم يصل إلى الحياة الطيبة هو في الواقع ميتٌ بطريقة ما ويحتاج إلى الإحياء ، وحتى يصل إلى هذه المرحلة يكون في حالة الخسران والعصر ان الانسان لفی خسر
ولكن لماذا سمَّی الله سبحانه وتعالی هذه الحياة بالحیاة الطیبة؟
نحن لقد قرءنا و سمعنا قول الباری سبحانه و تعالی
كَلِمَةً طَيِّبَةً
كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ
مَسَاكِنَ طَيِّبَةً
ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً
تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً
و فی هذه الآیة الکریمة حَيَاةً طَيِّبَةً
قال المرحوم العلامة الطباطبائي: “الحكمة في وصف القرآن للحياة بصفة الطیبة أنها حياة طاهرة لا يوجد فيها شر”.
أو بعبارة أخرى لا یوجد فيها أيُّ ظلمة ؛لا ظلمةَ فيها
أي أن كل هذه الحياة (کلها تماما)نور.
و ما هو النور فی لسان القرآن؟
اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ
بعبارة أوضح
معناه أن الله یتجلی في کل جزء من هذه الحیاة ولا يوجد شيءٌ غيرَ الله فیها.
عندما استحوذ الله سبحانه وتعالی على كل جزء من الحياة فلم يَعُد فيها خوفٌ ولا قَلِق ولا ضَيق ولا اكتئاب ولا شبهة فيحل محلَّها النور والبصيرة.
هذه هی حیاة طیبة !
ولكن كيف نَحصُلُ على هذه الحياة؟
قبل الإجابة على هذا السؤال الثانی ، أوضِّح لکم نقطةً هامة في هذه الآیة الکریمة
إن الله سبحانه و تعالی یقول مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً
وهذا يعني أن الحياة الطیبة تُمنح لكل من الرجال والنساء ، وليس الرجال أو النساء وحدهم من يستحقُها.
لماذا هذه ملاحظةٌ هامة؟
لأن الله لایفرق بین الرجل والمرأة في الإکرام
يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴿۱۳﴾ الحجرات
ربما يكون هذا حدیثٌ شائعٌ ورائجٌ اليوم ، لكن هذه الآية تعود إلى 14 قرنا مضی ، عندما لم يكن مسموحًا للمرأة بالاختيار ولم یکن لها الحقوق، ولم تكن تُرى ولم تُحتَسب لها قیمةٌ
حتى في البلدان والثقافات التي أعطت حقوقًا متساوية للرجال والنساء اليوم ، كانوا مخطئين سابقا وکذلک هم في خطأ آخَر اليوم ، لكن الإسلام منح النساء بوضوحٍ الحقَ في الاختيار ، وحق الامتلاك ، والحياة الكريمة.
لنعد إلی السؤال، كيف نَحصُل على هذه الحياة؟
إذا كانت الحياة الطيبة إحیاء وهبة من الله ، فإنها تَتَطَلَّبُ الاستحقاق والجَدارة
لذلك فمن الأفضل تصحيح السؤال هکذا ، كيف يستحق الإنسان أن ينال هذه الهبة الإلهية؟
تشير هذه الآیة بوضوحِ ألفاظها إلى أن الله تعالى یمنح المؤمن الذي يقوم بعمل صالح حياةً جديدةً غيرَ الحياة التي وهبها للآخرين.
وهذا لا يعني أنه سيغير حياته. الحياة الطیبة هي ثمرة حُلوة للأعمال الصالحة والمؤمنة.
في النظرة الأولى ، نرى الأعمال الصالحة والإيمان ، لكن القضیة الرئيسة والطريق الرئيس التي تجعلُ الإنسان یستحق الحیاةَ الطیبة هو الأعمالُ الصالحة للمؤمن.
ولا يمكن للعمل وحده ولا الإيمان وحده أن يفتح هذا الباب من الرحمة.
يُفهم من ذکر الأعمال الصالحة والإيمان في هذه الآية معاً والعديد من الآيات الأخرى أن هناك علاقة خاصة بين الإيمان والعمل الصالح ، بمعنى أن العمل بدون إيمان ليس مصدر السعادة في الدنيا والآخرة. والإيمان بدون عمل لاینتهي إلی تعالي الإنسان وارتقائه.
آمَنُوا وَعَمِلُوا
إن الإيمان والعمل الصالح هما جناحان للإنسان إلى الحياة الطيبة البشرية ووصولُه إلى غایته النهائیة ، فلا يمكن للمرء أن يطير بجناح واحد ، لذلك جمع الله هذين الجناحين في أكثر من 100 آية قرآنية.
آمَنُوا وَعَمِلُوا الصالحات
نعم ، العمل جيد ، لكن قد نجد أننا قمنا بأعمال کثیرة ، لكننا لم نصل إلى أي مكان ، وفي الواقع ، نری أن تلک الأعمال سبَّبت لنا متاعبَ جعلتنا في مآزق، حیث قلنا لأنفسنا ، نتمنى لو لم نقم بتلک الأعمال، لماذا جرت الأمور هکذا؟
لأننا لم نفعل ذلك من أجل الله
فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ ﴿۹۴﴾الانبیاء
لذلك ، فمن المهم ، وفقًا للقرآن ، أن يقوم الإنسان بعمل صالح في سبيل الله ،
قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿۱۶۲﴾ الانعام
کما قال العلامة الطبرسي :علی الإنسان أن یتدرب ویمارس کثیرا في هذا الدرب والاتجاه ويُثابَر حتى يصل إلى ملكة الأعمال الصالحة.
إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ﴿۳۰﴾
يعني یصل إلى درجة من الإیمان تجعله يعمل من أجل الله فقط وحیث یتوحد الإيمان والعمل في داخله ويجعلُه مستحَقًا أن يُمنح حياةً طيبة.
اما الاخیر،ما هي آثار هذه الحياة في الدنيا والآخرة؟
قبل الاجابة اسمحوا لی بان اترجم للناطقین بالغة الفارسیة مشروطة بالصلاة علی محمد و آل محمد
ما هي آثار هذه الحياة في الدنيا والآخرة؟
أولا
وتجدُر الإشارة إلى أنه على الرغم من أن الحياة الطيبة هي حياة جديدة وخاصة للمؤمن ، إلا أنها ليست منفصلة عن الحياة العادية وعامة الناس ؛ تمامًا مثلما نجد في هذه الآیة الکریمة “يمشي به في الناس” (أنعام ، 122).
إنه يعيش بين الناس ، ولكن في حياة مليئة بالنور ، فهو الله
ثانیا
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا ﴿۹۶﴾ مریم
الصالحون محبوبون حقًا بسبب الإیمان الإلهي الذي أودعه الله في أنفسهم نتيجةً لأعمالهم الصالحة وکذلک الكَرامة الإنسانیة كما جاء في القرآن الكريم. مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ
ثالثا
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ … كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ ﴿۲﴾ محمد
كثير منا متورطون في بعض المشاكل الدنيوية ولا نعرف لماذا لا يمكن حلها. لأن ارتکابنا السئیات والموبقات یمنعنا من الخلاص من مخالبها
ولكن من آثارالقیام بالعمل من أجل الله أنه يتسببُ في إزالة العراقیل ویساعد علی تصحيح الشؤون الدنیویة والأخرویة للإنسان ، فيُصلح الله شؤونَ الصالحين وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ
رابعا و اخیرا
اخاطب
المؤمنین الإلهیین الذين يَبحَثون عن التقرب إلی الله
المؤمنین الذين يطلُبون الهداية الحقيقية
المؤمنین الذين يريدون الوصال واللقاء
إن الله تعالی أهدی إلی السبیل الصحیح
ما هوالسبیل الصحیح الی درجة استحقاق اعطاء حیاة الطیبة؟
اسمعوا من رب کریم
وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى ﴿۸۲﴾
الإنابة والعودة إلى الله (مَنْ تَابَ) اول الخطوة (عمود الاول)
الإيمان بالله (َآمَنَ) ثانی الخطوة
والعمل الصالح (وَعَمِلَ صَالِحًا) ثالث الخطوة
ثلاث خطوات أساسية لنیل الهداية الإلهية
إذا كنتَ صاحبُ الإرادة والعمل بسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّه
بسم الله الرحمن الرحيم
وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ
إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ
وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ
بسم الله الرحمن الرحيم
الْحَمْدُ لِلّٰهِ بِجَمِيعِ مَحامِدِهِ كُلِّها ، عَلَىٰ جَمِيعِ نِعَمِهِ كُلِّها الْحَمْدُ لِلّٰهِ الَّذِى يُؤْمِنُ الْخائِفِينَ ، وَيُنَجِّى الصَّالِحِينَ ، وَيَرْفَعُ الْمُسْتَضْعَفِينَ ، وَيَضَعُ الْمُسْتَكْبِرِينَ ،
أشهد أن لا اله الا الله لم یتخذ ولدا و لم یکن له شریک فی الملک و خلق کلَ شیء فقدّره تقدیرا.
اللهم صل و سلم و زد و بارک علی اشرف رسلک و انبیائک سیدنا و حبیب قلوبنا و شفیع ذنوبنا و طبیب نفوسنا ابی القاسم المصطفی محمد
و علی اخيه و وصیه اسدِ الله و اسدِ الرسول یعسوبِ الدین و امام المتقین امیر المومنین علی بن ابیطالب صلوات الله و سلامه علیه
و علی وارثة الرسول بِضعةِ لحمه و مُهجةِ قلبه فاطمةَ الزهراء صلوات الله علیها
و علی السبطین الامامین سیدی شباب اهل الجنة الحسن و الحسین صلوات الله علیهما
و علی ائمة المسلمین الامام علی بن الحسین زین العابدین
و محمد بن علی الباقر
و جعفر بن محمد الصادق
و موسی بن جعفر الکاظم
و علی بن موسی الرضا
و محمد بن علی الجواد
و علی بن محمد الهادی
و الحسن بن علی الزکی العسکری
و الخلف الحجة القائم المنتظر المهدی
حججک علی عبادک و امناءک علی خلقک.
عبادَ الله أُوصِيكم و نفسی بِتَقْوَى اَللَّهِ
وَ كَلِمَةِ اَلْحَقِّ فِي اَلرِّضَا وَ اَلْغَضَبِ
وَ اَلْقَصْدِ فِي اَلْغِنَى وَ اَلْفَقْرِ
وَ بِالْعَدْلِ عَلَى اَلصَّدِيقِ وَ اَلْعَدُوِّ
وَ بِالْعَمَلِ فِي اَلنَّشَاطِ وَ اَلْكَسَلِ
وَ اَلرِّضَا عَنِ اَللَّهِ فِي اَلشِّدَّةِ وَ اَلرَّخَاءِ
إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا ﴿۹﴾
لقد كان للأنبياء معجزات ، لكن مع رحيلهم اختفت معجزاتهم أيضًا ، ومثل التوراة والإنجيل، اختفت بمغادرة النبي موسى والنبي عيسى علیهما السلام.
لکن القرآن الکریم معجزة الرسول الأکرم «صلّیاللهعلیهوآلهوسلّم» باقٍ و
من أعظم معجزات القرآن التي يُصرُّ عليها الإمام الرضا علیه السلام” أنه يقولون اقرأ القرآن ألف مرة وفي المرّة الألف والواحدة ستجد القرآن جدیداً .
علی سبیل المثال تقرؤون سورة الحمد عشرَ مرات على الأقل كل يوم ، لكنها لن تصبح قديمة أو مملة أبدًا.
قد يعيش ویبقي شيء ما لسنوات ، ولكن بمرور الوقت يُصبح قديما ومتهالك ويفقد نَضَارَتُه وحيويته.
لكن القرآن ، بالإضافة إلى كونه حيا دائما ، لن یصبح قدیما ولن یَفقُد نضارته. بل هو دائما جديد وطريّ كما جاء في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم کَلامُ اللَّهِ جَدیدٌ غَضٌّ طَرِيّ.
على سبيل المثال ، لديك ابن وهو ليس معك ویعیش بعیداً عنک فتشتاق إليه.
يكتب رسالةً لك. فتُنادي والدتَه بشعف وتقرأ الرسالة لها ، وستبكي أنت و الأم بفرح
اقرأ الرسالة مرة أخرى غدًا.
لكن في المرة الرابعة والخامسة تصبح الرسالةُ أمراً طبيعيًا بالنسبة لك.
في حين أن الرسالة من قبل أعزّ الناس عندک لکن تصبح الرسالة أمراً عادیاً بالنسبة لك.
لكن اقرأ القرآن كل يوم. يُوصى بقراءة القرآن كل يوم ومن المصحف المکتوب
عندما تنتهي قراءةُ القرآن ، فتَبدأ من جديد ويَبدو الأمر كما لو أنك لم تقرأِ القرآن على الإطلاق والآن نزل القرآن.
کما قال الإمام الرضا علیه السلام فإن هذه إحدى أعظم معجزات القرآن.
تکون إقامة مراسم العزاء هکذا، في کل سنة تُقیمون مراسم العزاء الحسیني وتذکرون مصائب أهل البیت وتسمعونها وتبکون لها
لكن في كل عام یبدو ذلک جدیداً. كل المصائب التي نذکرها؛ سمعناها وبكينا عليها سابقا
علی سبیل المثال، یموت ولدٌ لشخصٍ، فیبکي کثیراً ویَصرُخ وقد یُغمی علیه.
في الیوم الأول ربما تغيير أمُ الميت عن الوعي مراتٍ ومراتٍ فتبکي بحرقة وصَداقة، ولکن بعد إنتهاء الیوم الثاني والثالث لن تبکي حتي إذا ذکروا عندها ذِکریاتِ ولدها المیت
الولد المیت کان فِلْذَةُ کبدها ولم یکن عندها إلا هذا الولد الراحل، ولکن مهما تذکر ذکریاتُه فتصبح عادیةً ولاتُبکیها
لکن الأمر یختلف بالنسبة إلی الإمام الحسین علیه السلام، فعندما یُذکَر عندکم اسمُ علی الأکبر علیه السلام تبدأون جمیعا بالبکاء
كان الجميع يبكون من أجل علي الأكبر علیه السلام منذ 1400 عام مضی. فهذا لن یصبح قدیما. حتى أنه لدينا في الروایات ، و کما اشارت بعض الروایات أن هناك مراسم ذکر مصائب أهل البیت علیهم السلام في وقت ظهور الإمام المهدي المنتظر عجل الله تعالی فرجه الشریف.
لدينا في الروايات أنه عندما یتولى الإمام الحسين “علیه السلام” زمام الأمور تُبَثُّ هذه الوقائع کفلم والناس کلهم یبکون ویندبون.
ومن المُلفِت للنظر أنه ورد في الروایات أن مجالس ذکر مصائب أهل البیت علیهم السلام ستنعقد بعد رَجعة امامنا الحسين و في فترة حکم الإمام الحسین علیه
ولابد أن تبقی روح الفداء لاحیاء سبیل الحق عند الشيعة من خلال إقامة هذه المجالس حتی نموت وحتى إلی يوم القيامة. يا لها من معجزة يا لها من نعمة
کثیر من علمائنا یعتقدون بأن هذه النعمة أفضل من الجنة وما فيها
لذلك فعلیکم أن تحمدوا الله على کونکم من الشيعة وعلى نعمة إقامة مراسم العزاء والبكاء والاستمتاع بهذه البكاء.
لكن للأسف عادةً لا نشکر الله علی ذلک.
إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ
أعني أننا إلی حد الآن لم یَسبُق أن نُمسِكَ المَسبَحة بأیدینا و نقول
الحمد لله ، علی أنَّ لديَّ مجلس العزاء لأهل البیت علیهم السلام
الحمد لله علی أنَّ لديَّ الإمام الحسین علیه السلام الذی بذل مهجتَه فی الله لیستنقذ عباده من الجهالة و حیرة الضلالة
الحمدلله علی وصف الموجود فی هذا المد الملیونی و هو المشی على الاقدام فی ذكرى أربعين شهادة أبي عبد الله الحسين (علیه السلام)
بينما يجب أن نقدِّر هذه النعم كثيرًا و ما اعظم من نعمة الولایة و الهدایة
فی الختام نسأل الله القدير ان يَحفَظَ زوارَ الحسين الذين إتوه مشيا على الأقدام من جميع دول العالم فهنيئا لكم يا اهل العراق على هذا التوفيق في خدمة زوار الإمام الحسين عليه السلام صبرتم ونلتم
حَفَظَ الله العراق واهله من الفتن و البلایا بحق الحسين علیه السلام و عجل اللهم فی فرج مولانا.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (3)