صلاة الجمعة 3 ربیع الاول 1444
أعوذ بالله من الشیطان الرجیم بسم الله الرحمن الرحیم الحمدلله ربّ العالمین نحمده و نستعینه و نؤمن به و نستهدیه و نستغفره و نتوکّلُ علیه و نصلّی و نسلّم علی حبیبه و نجیبه و خیرتِه فی خلقه، حافظِ سرّه و مبلّغ رسالاته، بشیرِ رحمته وَ نَذِیرِ نِقْمَتِهِ ، سیّدِنا و نبیّنا و حبیبِ قلوبنا ابیالقاسم المصطفی محمّد و صلّ على ائمّة المسلمين و حماة المستضعفين و هُداة المؤمنين و صلّ على بَقِيَّةِ الله فِي أَرْضِهِ. اوصيكم عباد للّه و نفسی بتقوى اللّه و نظم امركم. قال الله سبحانه و تعالی فی محکم کتابه: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ﴿١﴾ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴿٢﴾ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ﴾ . صدق الله العلی العظیم ایها الاخوة و ایتها الاخوات اهتمام الإنسان بأيِّ أمرٍ من الأمور يُشغِل حيّزًا من تفكيره، ويأخذ قسطًا من طاقته النفسية، ويستهلك جزءًا من جهده ووقته. ولأنّ فرصة الإنسان في هذه الحياة محدودة بما يقدِّر الله له من عمر وطاقة وجهد، فإنّ عليه أن يستثمر كلَّ لحظة في حياته، وكلَّ جزء من قدرته فيما يعود عليه بالخير في دنياه وآخرته. لكنّ مشكلة الإنسان أنّ بعض الرغبات والانفعالات تستدرجه لبعض الاهتمامات الزائفة، التي تستهلكُ من عمره وطاقته فيما لا يعود عليه بنفع أو خير، بل قد يسبب له الضرر والخَسارة في الدنيا أو الآخرة. يطلق القرآن الكريم على هذه الاهتمامات الزائفة، عنوان: اللغو والأصل في مادة اللغو: ما لا يُعتدّ به و أعمّ من أن يكون في كلام أو عمل أو موضوع خارجي. كالكلام غير المفيد، والعمل إذا لم يترتب عليه نفع، وكلّ باطل أو لهو فهو لغو . وقال الطبرسي في مجمع البيان: (اللغو هو: كلّ قول أو فعل لا فائدة فيه يُعتد بها، فذلك قبيح محظور، يجب الإعراض عنه. إنّ على الإنسان العاقل أن يقوّم الأمور ويفحُصها، ويهتم بالمفيد والنافع منها، ويترك ما لا جدوى منه ولا فائدة فيه. أو فائدته ضئيلة لا تستحقّ صرفُ الاهتمام لها. وقد يكون أمرٌ مفيدًا لشخص دون آخر، فيهتم به من يستفيد منه، ويُعرِض عنه من لا فائدة له فيه. إنّ اهتمامات الإنسان تعكُس شخصيته، فإذا كان هادفًا في حياته، تَصُبُّ اهتماماتُه فيما يخدِمُ هدفَه، أما إذا كان تائهًا دون هدف، فإنه سيبحث عمّا يملأ فَراغَه، وإن كان أمرًا تافهًا. وإذا كان قلبه سليمًا فإنه لا يتجه للتفكير في إيذاء الآخرين، أما من تمتلئ نفسه بالعقد والأمراض، فإنه ينشغل بالنيل من هذا وذاك. إنّ الله تعالى يجعل من أوائل صفات المؤمنين الناجحين الإعراض عن الاهتمامات التافهة. ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ﴿١﴾ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴿٢﴾ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ﴾ . وعن النبی الاکرم : «مِنْ حُسْنِ إِسْلاَمِ اَلْمَرْءِ تَرْكُهُ اَلْكَلاَمَ فِيمَا لاَ يَعْنِيهِ» . لأنّ انشغال الإنسان بالاهتمامات التافهة يكون على حساب اهتماماته الأخرى النافعة. عنه : «إنَّ اللهَ تعالى يُحِبُّ مَعاليَ الأُمورِ، وأَشرافَها، ويَكرَهُ سَفْسافَها» . ورد عن الإمام علي : «مَنِ اِشْتَغَلَ بِمَا لاَ يَعْنِيهِ فَاتَهُ مَا يَعْنِيهِ» . وعنه : «مَنِ اِشْتَغَلَ بِغَيْرِ اَلْمُهِمِّ ضَيَّعَ اَلْأَهَمَّ» . فارسی ایها الاعزاء وقد يندفع الإنسان نحو الاهتمامات الزائفة حين يرى إقبال الآخرين عليها، لكنّ الدين والعقل يرشدان الإنسان إلى تقوية مناعته الذاتية، حتى لا ينجذب نحو اللغو وفاعليه. يقول تعالى: ﴿وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا﴾ . والمراد بالمرور باللغو، المرور بالذين يمارسون اللغو، ويشتغلون به، فلا يتوقفون عندهم ليستمعوا إليهم، أو ليخوضوا معهم فيه، بل يُعرِضون عنه ويتابعون طريقهم إلى ما يريدون تنزّهاً عن ذلك . وفي عصرنا الحاضر فإنّ بعض مواقع التواصل الاجتماعي تمثل إغراءً وفخًّا لإسقاط الإنسان في الاهتمامات التافهة الزائفة، فإذا لم يقرّر الإعراض عن هذا اللغو والمرور عليه مرور الكرام، فسيجد نفسَه مُنشَدًّا ومنجذبًا إليه، وقد يجرّه ذلك إلى الفساد والشَّقاء. قد تكون البداية مكالمة أو رسالة عاطفية، يتجاوب الإنسان معها فتكون نتائجها وخيمة. وقد يقرأ الإنسان أو يسمع تشهيرًا بشخص أو جهة، فينساق لمتابعة الموضوع ويتفاعل معه، حتى يصبح جزءًا من اهتماماته التي تَشغُله وتوقِعَهُ في المخالفات الشرعية والعداوات الاجتماعية. ايها العزيز اُحسب كم ساعة قضيتها في السنة الماضية و أنت مُنشغل باللغو و تذكر كلما هَمَّ قلبُك باللغو قول الحنان المنان و اعرض عن ذلك و انشغل بما فيه صلاح دنياك و آخرتك كقرآءة القرآن و الرياضة و صلة الرحم و التنزه في الطبيعة و التفكر في عاقبة الامور و خدمة الناس و قضاء حوائج اخوانك. وقد ينحدر الإنسان إلى اللغو والتَفاهات مُجاراةً لمنافسيه، وردًّا على مناوئيه بلغتهم وأسلوبهم. وهذا ما تحذّر منه التعاليمُ الدينية والمبادئ الأخلاقية، فإذا كان خصومك يستخدمون لغة بذيئة وأسلوبًا قذرًا، فلا تنحدر إلى مستواهم، بل كن في مستوى الخلق الرفيع، إكرامًا واحترامًا لنفسك و مكانتك عند الله، فلا تردّ الجهل بالجهل، واللغو باللغو. يقول تعالى: ﴿وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ﴾ . ورد عن الإمام الصادق : في تفسير قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ﴾ هو: «أَنْ يَتَقَوَّلَ اَلرَّجُلُ عَلَيْكَ بِالْبَاطِلِ، أَوْ يَأْتِيَكَ بِمَا لَيْسَ فِيكَ، فَتُعْرِضُ عَنْهُ لِلَّهِ» . لنلتف إلى اللغة التي يخاطبنا الله فيها: مادام الله مولاكم فلا تردوا اللغو باللغو. إن كانت اسوتكم رسول الله صلى الله عليه و آله فمنزلتكم اسمى من أن تردوا الجهل بالجهل. کما انّ كفّار مكة كانوا يشتمون النبي وأصحابه، فنُهوا عن إجابتهم . قال الإمام علي لقنبر وقد رام أن يشتمَّ شاتِمه: «مَهْلاً يَا قَنْبَرُ! دَعْ شَاتِمَكَ مُهَاناً، تُرْضِ اَلرَّحْمَنَ، وَتُسْخِطِ اَلشَّيْطَانَ، وَتُعَاقِبْ عَدُوَّكَ، فَوَ اَلَّذِي فَلَقَ اَلْحَبَّةَ، وَبَرَأَ اَلنَّسَمَةَ، مَا أَرْضَى اَلْمُؤْمِنُ رَبَّهُ بِمِثْلِ اَلْحِلْمِ، وَلاَ أَسْخَطَ اَلشَّيْطَانَ بِمِثْلِ اَلصَّمْتِ، وَلاَ عُوقِبَ اَلْأَحْمَقُ بِمِثْلِ اَلسُّكُوتِ عَنْهُ» . وورد عن الإمام الكاظم : «مَا تَسَابَّ اِثْنَانِ إِلَّا اِنْحَطَّ اَلْأَعْلَى إِلَى مَرْتَبَةِ اَلْأَسْفَلِ . و قد ورد عن الإمام علي : «نِصْفُ اَلْعَاقِلِ اِحْتِمَالٌ، وَنِصْفُهُ تَغَافُلٌ» . وجاء في سيرة الإمام زين العابدين : شتم بعضُهم زينَ العابدين صلوات الله عليه، فقصده غِلمانه فقال: «دَعُوهُ فَإِنَّ مَا خَفِيَ مِنَّا أَكْثَرُ مِمَّا قَالُوا، ثُمَّ قَالَ لَهُ: أَلَكَ حَاجَةٌ يَا رَجُلُ؟» ، واللّافت هنا أنّ الإمام لم يُعِرْ شتيمةَ الرجل أدنى اهتمامٍ يُذكر، وزاد على ذلك بأن عَرَضَ تلبية حاجة الرجل إن كان محتاجًا. وفي حادثة أخرى استقبل الإمام رجلًا آخر، فأخذ يَكيل للإمام السبّ والشتم، فأجابه الإمام بالقول: «يَا فَتَى؛ إِنَّ بَيْنَ أَيْدِينَا عَقَبَةً كَؤوداً، فَإِنْ جُزْتُ مِنْهَا فَلاَ أُبَالِي بِمَا تَقُولُ، وَإِنْ أَتَحَيَّرُ فِيهَا فَأَنَا شَرٌّ مِمَّا تَقُولُ» ، ويشير إلى أنّ المرء معنيٌّ بما يشغله ويُهّمُّهُ من أمر دنياه وآخرته، ولا يقف عند ما دون ذلك. وفي حادثة أخرى شتمه رجل فأشاح الإمام بوجهه عنه، فقال الرجل: إيّاك أعني، فأجابه الإمام على الفور قائلًا: «وَعَنْكَ أُغْضِي» ، مشيرًا إلى ترفّعه التام عن السُّباب والشّتائم. من هنا ينبغي أن نتربّى على هذه المواقف الرائعة، فلا يستوقفنا أيُّ كلام، ولا نتفاعل مع كلّ ما يربك أفكارَنا ويؤذي مشاعرَنا وأحاسيسَنا. بسم الله الرحمن الرحيم وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ بسم الله الرحمن الرحيم الْحَمْدُ لِلّٰهِ بِجَمِيعِ مَحامِدِهِ كُلِّها ، عَلَىٰ جَمِيعِ نِعَمِهِ كُلِّها الْحَمْدُ لِلّٰهِ الَّذِى يُؤْمِنُ الْخائِفِينَ ، وَيُنَجِّى الصَّالِحِينَ ، وَيَرْفَعُ الْمُسْتَضْعَفِينَ ، وَيَضَعُ الْمُسْتَكْبِرِينَ ، أشهد أن لا اله الا الله لم یتخذ ولدا و لم یکن له شریک فی الملک و خلق کلَ شیء فقدّره تقدیرا. اللهم صل و سلم و زد و بارک علی اشرف رسلک و انبیائک سیدنا و حبیب قلوبنا و شفیع ذنوبنا و طبیب نفوسنا ابی القاسم المصطفی محمد و علی اخيه و وصیه اسدِ الله و اسدِ الرسول یعسوبِ الدین و امام المتقین امیر المومنین علی بن ابیطالب صلوات الله و سلامه علیه و علی وارثة الرسول بِضعةِ لحمه و مُهجةِ قلبه فاطمةَ الزهراء صلوات الله علیها و علی السبطین الامامین سیدی شباب اهل الجنة الحسن و الحسین صلوات الله علیهما و علی ائمة المسلمین الامام علی بن الحسین زین العابدین و محمد بن علی الباقر و جعفر بن محمد الصادق و موسی بن جعفر الکاظم و علی بن موسی الرضا و محمد بن علی الجواد و علی بن محمد الهادی و الحسن بن علی الزکی العسکری و الخلف الحجة القائم المنتظر المهدی حججک علی عبادک و امناءک علی خلقک. عبادَ الله أُوصِيكم و نفسی بِتَقْوَى اَللَّهِ وَ قول اَلْحَقِّ فِي اَلرِّضَا وَ اَلْغَضَبِ مَرَّت علینا ذکری استشهاد الامام أبي محمد الحسن العسكري فبهذه المناسبة اود ان اشیر الی جزء من وصيته التی وجهها لأتباعه وشيعته قال فيها : «أوصيكم بتقوى الله والورع في دينكم والاجتهاد لله وصدق الحديث وأداء الأمانة إلى مَنِ ائتمنكم من بَرٍّ أو فاجر، إن الرجل منكم إذا ورع في دينه وصدق في حديثه وأدى الأمانة وحسَّن خلقه مع الناس قيل: هذا شيعي فيسرّني ذلك، اتقوا الله وكونوا زينًا ولا تكونوا شينًا، جرُّوا إلينا كل مودّة وادفعوا عنا كل قبيح» . الإمام الحسن العسكري عاش كآبائه الطاهرين حياة صعبة قاسية، ولعل الصعوبة في حياته أشد من حياة آبائه وأجداده في بعض الجوانب والظروف. الإمام العسكري هو الإمام الحادي عشر من أئمة أهل البيت ، ووالد الإمام المهدي الذي سيغيب عن شيعته مدة ممتدّة من الزمن، ولذلك فما ورد في الوصية التي افتتحنا بها الحديث عبارة عن منهج عام للشيعة يتعاملون وِفْقَهُ ويسيرون على هديه في عصر الغيبة. ويمكننا أن نستخرج من هذه الوصية محاور لکن بسبب ضیق الوقت اکتفی بمحور و هو حسن السمعة: هناك على طول التاريخ من يحاول أن يشوّه ويرسم صورة خاطئة عن أتباع أهل البيت ، لأغراض سياسية أو لجهله بهم أو لقناعة خاطئة، وعلينا أن نعمل لتحسين الصورة، وأن تكون صورة هذا المجتمع حسنة أمام الآخرين بل يجب أن يكون الشيعي هو الافضل من الجميع بين الناس، فهذه مسؤوليتنا. يقول في ذلك الإمام العسكري : «اتقوا الله، وكونوا زينًا ولا تكونوا شينًا». إن البعض في مجتمعنا حينما يسمع حديثًا عن الاهتمام بانطباع الآخرين تجاه المذهب والمجتمع، يفهم ذلك فهمًا خاطئًا ويقول ـ إما عن جهل أو حماقة ـ: وما يهمنا ما يقوله عنَّا الآخرون. أو يستشهد بالآية القرآنية:﴿ وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ﴾ (البقرة: 120)، وهذا خلط للأوراق، فليس من الصحيح القول أن السمعة الحسنة لدى الآخرين ليست مهمة و السمعة الحسنة هي نتيجة طبيعية للأعمال الحسنة التي يقوم بها المؤمن و ليس سعيا لارضاء أحد سوى الله سبحانه و تعالى، فالإنسان المسلم كفرد ينبغي عليه أن يحسّن سمعته، والمجتمع المسلم كمجتمع ينبغي عليه ـ كذلك ـ أن يعطي الصورة المشرقة عنه كمجتمع. وبشأن الآية الكريمة: ﴿وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ﴾ فإن معناها أن يلتزم كل إنسان بدينه ومبدأه ولا يكون هناك مداهنة ومداراة على حساب المبادئ والقيم. ومعناها أن اليهود والنصارى لن يكفوا عن الضغوط عليكم حتى تتراجعوا عن دينكم. وهذا المعنى لا إشكال أو اعتراض عليه. ولكن حينما لا ترتبط المسألة بأصول المبدأ والمذهب، فتكون أمام أمرٍ جائزٍ أو فيه شبهة استحباب، وفي مقابل القيام بهذا الأمر نخسر السمعة والنظرة الطيبة عند الآخرين، فعلى العاقل أن يرجّح أيهما أولى، والترجيح يقتضي في هذه الحالة الحفاظ على السمعة الحسنة. فبالنسبة للمسلمين نجد أن بعض المتشددين حينما يطلب منهم عدم القيام ببعض الأعمال حتى لا يكون انطباع المجتمعات الغربية وغير المسلمة انطباعًا سيئًا يجيبون بالآية الكريمة: ﴿وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى﴾ ، وهذا موقف خاطئٌ وغير واعٍ. والأمر نفسه موجه لأتباع مذهب أهل البيت الذين من المفترض بهم أن يهتمّوا بسمعتهم كمذهب وكمجتمع أمام الرأي العامّ الإسلامي والعالمي. إن مَنْ يبدي اهتمامًا بهذا الأمر يعني أنه مهتمّ بمصلحة هذا المذهب وهذا المجتمع، ولا يعني ذلك أنه نوع من التنازل أو الخضوع، وإنما يعني الحرص على سمعة هذا المجتمع، ولذلك نرى نصوصاً كثيرة عن أهل البيت تحثّ على هذا الجانب، منها ما أوردناه من وصية الإمام العسكري في قوله : «كونوا زينًا ولا تكونوا شينًا». وفي رواية أخرى عنهم : «لا تحدّثوا الناس بما ينكرون »، أي بما يستنكرونه منكم من أعمال وممارسات إذا لم تكن هذه الممارسات من أصول المبدأ. ورواية ثالثة تقول: «رحم الله من استجرّ مودّة الناس إليه وإلينا». إن الحفاظ على السمعة وتحسين الصورة عند الآخر هدف سامٍ ينبغي الاهتمام به، إذا لم يكن على حساب الأسس والمبادئ، ولكنه من الممكن أن يكون على حساب بعض الأعراف والتقاليد والأمور الجائزة، لأن هناك ما يكون أرجح وأفضل، ولهذا نجد مثل هذه الروايات والنصوص وردت عن أهل البيت . نسأل الله سبحانه وتعالى أن يثبتنا على ولايتهم وأن يحشرنا في زمرتهم. اللهم أصلح ولاة أمور المسلمين وأيد حماة الدين واحفظنا وأحفظ أوطاننا من شرور المعتدين إنك أرحم الراحمين.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (3)