خطبه الجمعه الثالثه عشرۀ فی یوم 18نوامبر 2022
خطبه الجمعه الثالثه عشرۀ فی یوم 18نوامبر 2022 المطابق 23من شهر ربیع الثانی 1444 فی دور الاخلاق فی الحیاۀ الانسانیۀ فی بدایۀ حدیثی اوصیکم و نفسی بتقوی الله کما تعرفون ان موضوع حدیثنا فی الخطب السابقه یدور حول موضوع دور الاخلاق فی الحیاۀ الانسانیه وقد تحدثنا سابقا أنّ إحدى الطّرق المؤثرة لتهذيب النّفوس، هو معرفة المبدأ و المعاد، والیوم نرید ان نشیر بهذه الحقیقۀ بان كلّ إنسان اذا یرید ان یفلح و یسعد فی حیاته الدنیویه فلابد علیه ان يتحرّك في حياته المعنوية، فلا يأخذ معلوماته من العقل والوجدان فقط، بل يستعين بالوَحي ليميّز في ظلّه القيمالحقيقيّة من الكاذبة، لأنّ الأعمال الأخلاقيّة هي وليدة الإيمان باللَّه واليوم الآخر، ودائماً ما يردف: (العمل الصالح) بالإيمان، والقرآن الكريم، هو خير دليلٍ في هذا المضمار، و يُصرّح القرآن الكريم، و أشار إشارة جميلةً کما جاء في سورة «والعصر»، وَالعَصرِ إنّ الإنسانَ لَفِي خُسرٍ إلّاالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَتَواصَوا بِالحَقِّ وَتَواصَوا بِالصَّبِرِ نفس هذا المعنى بان القاعدة الكلّية فی هذه الدنیا هو الخسران و التّضييع للإنسان، والمستثنون من ذلك هم المؤمنون، في أوّل الأمر،ثم الّذين يعملون الصّالحات ويتواصون بالحقّ و الصّبر،وعرّف العمل الصالح، بالّثمرة لشجرة الإيمان و مثّل الإيمان، بالشّجرة الطيّبة، و جذورها ثابتة في روح و أعماق الإنسان، و فروعها و أوراقها وارفة، تؤتي بثمارها كلّ حين، فقال اللَّه تعالى سورة ابراهيم، الآية 24 ألَم تَرَ كَيفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍأصَلُها ثَابِتٌ وَفَرعُها فِي السَّماءِ تُؤتِي اكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإذنِ رَبِّها ومن البديهي، أنّ الشجرةالتي تمدّ جذورها في أعماق القلوب، و تتفرع أغصانها من جميع أعضاء الإنسان، و ترتفع في سماء حياته، هي شجرةٌ وارفةٌ لا يؤثّر فيها جفاف الخريف، و لا تقلعها العواصف أبداً وجاء أيضاً إختلف المفسّرون في ماهو المقصود من الشّجرة الطيّبة؟، و هل يوجد مثل هذا التشبيه في الخارج أم لا؟ و هنا كلام كثير، فالبعض قال: أنّ الشجرة الطيّبة هي كلمة لا إله إلّااللَّه، وبعض قال: أنّها أوامر الباري تعالى، و آخَرون قالوا أنّها الإيمان، و في الواقع أنّ هذه كلّها تعود إلى حقيقةٍ واحدةٍ، و إختلفوا أيضاً في هل أنّ هذه الشجرِة لها واقع خارجي، و أنّ أصلها ثابت في الأرض وأوراقها وفروعها في السّماء ومثمرة في كلّ وقتٍ و حِينٍ، حقيقةً، أو لا؟ولكن يجب أن لا ننسى أنّ كلّ تشبيه لا يتوجب أن يكون له وجود خارجي، فعندما نقول: أنّ القرآن الكريم كشمسٍ لا غروب لها، و بالطّبع فلا وجود للشّمس التي لا غروب لها، و القصد من ذلك هو التّشبيه بالشمس لا أكثر، حيث يمكن أن تختلف خصائص هذه الشمس في الخارج و عليه، فإنّ سمُوّ الأخلاق و العمل و التّزكية الكاملة لا تتمّ، إلّابالإيمان باللَّه ورحمته الواسع وجاء نفس هذا المعنى في سورة (الأعلى) فيقول الله تعالى« قَدْ أَفلَحَ مَن تَزَكّى* وَذَكَرَ إسمَ رَبّهِ فَصَلّى» فطبقاً لهذه الآيات، فإنّ التّزكية الأخلاقيّة و العمليّة، لها علاقةٌ وثيقةٌ بإسم اللَّه تعالى و الصّلاة والدّعاء، هذا إذا ما إستمدّت أسسها منه سُبحانه و تعالى، وحينها ستكون عميقةً و دائمةً، وإذا ما إعتمدت على أسسٍ اخرى، فستكون واهيةً و عديمة المحتوىوخلاصة القول: إنّ أقوى وأفضل الدّعائم للأخلاق، هو الإيمان باللَّه، والإحساس بالمسؤوليّة تّجاهه، ومثل هذا الإيمان هو أبعد مدىً وأرحب افقاً من المسائل المادّية، و لا يبدّل ولا يعوّض بشيٍء، فهو يرافق الإنسان في كلّ مكان ولا ينفصل عنه أبداً، ولا يوجد شيء أفضلُ منه ولذلك فإنّنا نرى، أنّ أقوى مظاهر الأخلاق، كالإيثار و التّضحية تتجسّد في حياة أولياء اللَّه تعالى و نرى أيضاً، في المجتمعات الماديّةالتي توزِن كلّ شيء بمعيار النّفع، أنّ الأخلاق فيها ضعيفةٌ جدّاً، و في الأغلب أنّ المعترف به رسميّاً عند الجميع، هو النّفع الشّخصي المادّي، فالصّدق والأمانة والوفاء وما شابه ذلك، هي أخلاق حسنةٌ و سلوكيّات جيدةٌ، ما دامت تعود بالنّفع على الفرد، و عند تعرّض النّفع المادي للخطر، فستفقد لونها وقيمتها فمثلا الأبوان العجوزان، و لعدم نفعهما، فمصيرهما أن يعيشا في زاوية النسيان، و يتمّ نقلهما إلى مراكز و دور العجزة، لينتظرا أجلهما المحتوم و بمجرّد أنّ يبلغ الأطفال مرحلة الرّشد والمراهقة، فإنّ مصيرهم الانفصال عن اسرهم، لا لكي يستقلّوا إقتصاديّاً، بل لكي يُنسوا إلى الأبد و كذلك الأزواج، فهم شركاء في الحياة مادام في الحياة الزوجية نفعٌ ولذّة، و إلّافلا حاجة إلى العلاقة الزّوجيّة و لا ضرورة للإلتزام بتبعاتها، ولذلك فإننا نرى أنّ الطّلاق هناك كأيسر ما يكون، و شايع إلى درجةٍ خطيرةٍ، ففي المذاهب الماديّة التي لا تقوم على أساسٍ إلهي في دائرة الأخلاق، يكون الإستشهاد لديهم لنيل المقاصد السّامية، هو الإنتحار بعينه، والكرم الذي يؤدي إلى تبذير الأموال، ليس هو إلّانوعٌ من الجنون، و العّفة و الإستقامة على طريق الفضيلة، ليست هي إلّاضَعفٌ في النّفس، و الزُّهد بالعالم المادي، ليس هو إلّاسذاجةً و جهلًا بالحياة وما نراه اليوم من التنافس المحموم على الماديات، و مراكز القدرة في هذه المجتمعات، و رؤساء تلك الدول، هو أفضل و خير نموذج يعبّر عمّا لديهم من معايير للأخلاق الماديّةو الشّاهد على ذلك، ما يصدر من الإنتهازيّة و التّعامل المزدوج للقوى الإستعماريّة تجاه (حقوق الإنسان)، فعندما تكون حقوق الإنسان، سبباً لتعرّض منافعهم للخطر، فسوف يتجاهلونها ويجعلونها وراء ظهورهم، ويذبحون القيم الإنسانيّة على مذبح المصالح الماديّة فأخطر المجرمين والمعتدين على حقوق الإنسان، يصبحون مسالمين ومصلحين، وبالعكس فإنّ الشخص الذي يريد أن يدافع عن حقّه في مقابلهم، يكون هو الشّيطان بعينه، ويجب أن يُقمع بأيّ وسيلةٍ كانت فنراهم يدافعون عن الديمقراطيّة و حكومة الشّعب، دفاعاً مُستميتاً، وفي نفس الوقت نراهم و في زاوية أخرى من العالم، يدافعون عن أسوَأ و أظلم المستبدّين الديكتاتورييّن لا لشيءٍ، الّا لأن الأخلاق عندهم ليست هي: إلّاالنّفع في بُعده المادي و الشّخصي. و الإنسان المادي لا يمتلك صورةً واضحةً عن الأخلاق في دائرة التّعامل مع الآخرين، بل مفاهيم ضبابيّةً و صورةً قاتمةً و الملاحظة الاخرى الّتي تجدر الإشارة إليها، أنّ المادييّن لا يرون في سلوكهم الأخلاقي، غير زمانهم و مكانهم الّذي هم فيه الآن، ولا أهميّة عندهم لما فَعل الماضون، و لا ما سيفعله اللّاحقون، إلّاأن يكون له علاقةٌ بحاضرهم، ولكن الموحّدين المعتقدين بالحياة الآخرة، و محكمة العدل الإلهي في يوم القيامة، يعتقدون أنّ معطيات الأخلاق وبركاتها المعنوية، جارية حتى بعد الممات، ولو إمتدّت لِالاف السّنين، وسيثاب الإنسان عليها في الاخرى، ولذلك لا يتعاملون مع الواقع الدنيوي، من موقع الزّمان الحاضر فقط،، بل من موقع التّفكير في الغد البعيد والحياة الخالدة وقد جاء في الحديث المعروف عن الرسول الكريم صلى الله عليه و آله، أنّه قال إذا مات المؤمن إنقطع عمله إلّامن ثلاث، صدقةٍ جاريةٍ- أي الوقف- أو علمٍ يُنتفع به أو ولدٍ صالحٍ يدعو له فالإيمان بالآخرة دافعٌ و حافزٌ آخر، للحثّ على الأعمال، الأخلاقية المهمة، مثل الصّدقة الجارية و الآثار العلميّة المفيدة و تربية الأولاد الصّالحين، و الحال أنّ لا مفهوم لهذه الامور لدى المادييّن نسال الله تبارک و تعالی ان یوفقنا بالوصول الی التقوی و ان نعمل عمل الصالح فی هذه الدنیا انشاء الله خطبه الجمعه الثالثه عشرۀ فی یوم 18نوامبر 2022 المطابق 23من شهر ربیع الثانی 1444 فی دور الاخلاق فی الحیاۀ الانسانیۀ فی بدایۀ حدیثی اوصیکم و نفسی بتقوی الله کما تعرفون ان موضوع حدیثنا فی الخطب السابقه یدور حول موضوع دور الاخلاق فی الحیاۀ الانسانیه وقد تحدثنا سابقا أنّ إحدى الطّرق المؤثرة لتهذيب النّفوس، هو معرفة المبدأ و المعاد، والیوم نرید ان نشیر بهذه الحقیقۀ بان كلّ إنسان اذا یرید ان یفلح و یسعد فی حیاته الدنیویه فلابد علیه ان يتحرّك في حياته المعنوية، فلا يأخذ معلوماته من العقل والوجدان فقط، بل يستعين بالوَحي ليميّز في ظلّه القيمالحقيقيّة من الكاذبة، لأنّ الأعمال الأخلاقيّة هي وليدة الإيمان باللَّه واليوم الآخر، ودائماً ما يردف: (العمل الصالح) بالإيمان، والقرآن الكريم، هو خير دليلٍ في هذا المضمار، و يُصرّح القرآن الكريم، و أشار إشارة جميلةً کما جاء في سورة «والعصر»، وَالعَصرِ إنّ الإنسانَ لَفِي خُسرٍ إلّاالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَتَواصَوا بِالحَقِّ وَتَواصَوا بِالصَّبِرِ نفس هذا المعنى بان القاعدة الكلّية فی هذه الدنیا هو الخسران و التّضييع للإنسان، والمستثنون من ذلك هم المؤمنون، في أوّل الأمر،ثم الّذين يعملون الصّالحات ويتواصون بالحقّ و الصّبر،وعرّف العمل الصالح، بالّثمرة لشجرة الإيمان و مثّل الإيمان، بالشّجرة الطيّبة، و جذورها ثابتة في روح و أعماق الإنسان، و فروعها و أوراقها وارفة، تؤتي بثمارها كلّ حين، فقال اللَّه تعالى سورة ابراهيم، الآية 24 ألَم تَرَ كَيفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍأصَلُها ثَابِتٌ وَفَرعُها فِي السَّماءِ تُؤتِي اكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإذنِ رَبِّها ومن البديهي، أنّ الشجرةالتي تمدّ جذورها في أعماق القلوب، و تتفرع أغصانها من جميع أعضاء الإنسان، و ترتفع في سماء حياته، هي شجرةٌ وارفةٌ لا يؤثّر فيها جفاف الخريف، و لا تقلعها العواصف أبداً وجاء أيضاً إختلف المفسّرون في ماهو المقصود من الشّجرة الطيّبة؟، و هل يوجد مثل هذا التشبيه في الخارج أم لا؟ و هنا كلام كثير، فالبعض قال: أنّ الشجرة الطيّبة هي كلمة لا إله إلّااللَّه، وبعض قال: أنّها أوامر الباري تعالى، و آخَرون قالوا أنّها الإيمان، و في الواقع أنّ هذه كلّها تعود إلى حقيقةٍ واحدةٍ، و إختلفوا أيضاً في هل أنّ هذه الشجرِة لها واقع خارجي، و أنّ أصلها ثابت في الأرض وأوراقها وفروعها في السّماء ومثمرة في كلّ وقتٍ و حِينٍ، حقيقةً، أو لا؟ولكن يجب أن لا ننسى أنّ كلّ تشبيه لا يتوجب أن يكون له وجود خارجي، فعندما نقول: أنّ القرآن الكريم كشمسٍ لا غروب لها، و بالطّبع فلا وجود للشّمس التي لا غروب لها، و القصد من ذلك هو التّشبيه بالشمس لا أكثر، حيث يمكن أن تختلف خصائص هذه الشمس في الخارج و عليه، فإنّ سمُوّ الأخلاق و العمل و التّزكية الكاملة لا تتمّ، إلّابالإيمان باللَّه ورحمته الواسع وجاء نفس هذا المعنى في سورة (الأعلى) فيقول الله تعالى« قَدْ أَفلَحَ مَن تَزَكّى* وَذَكَرَ إسمَ رَبّهِ فَصَلّى» فطبقاً لهذه الآيات، فإنّ التّزكية الأخلاقيّة و العمليّة، لها علاقةٌ وثيقةٌ بإسم اللَّه تعالى و الصّلاة والدّعاء، هذا إذا ما إستمدّت أسسها منه سُبحانه و تعالى، وحينها ستكون عميقةً و دائمةً، وإذا ما إعتمدت على أسسٍ اخرى، فستكون واهيةً و عديمة المحتوىوخلاصة القول: إنّ أقوى وأفضل الدّعائم للأخلاق، هو الإيمان باللَّه، والإحساس بالمسؤوليّة تّجاهه، ومثل هذا الإيمان هو أبعد مدىً وأرحب افقاً من المسائل المادّية، و لا يبدّل ولا يعوّض بشيٍء، فهو يرافق الإنسان في كلّ مكان ولا ينفصل عنه أبداً، ولا يوجد شيء أفضلُ منه ولذلك فإنّنا نرى، أنّ أقوى مظاهر الأخلاق، كالإيثار و التّضحية تتجسّد في حياة أولياء اللَّه تعالى و نرى أيضاً، في المجتمعات الماديّةالتي توزِن كلّ شيء بمعيار النّفع، أنّ الأخلاق فيها ضعيفةٌ جدّاً، و في الأغلب أنّ المعترف به رسميّاً عند الجميع، هو النّفع الشّخصي المادّي، فالصّدق والأمانة والوفاء وما شابه ذلك، هي أخلاق حسنةٌ و سلوكيّات جيدةٌ، ما دامت تعود بالنّفع على الفرد، و عند تعرّض النّفع المادي للخطر، فستفقد لونها وقيمتها فمثلا الأبوان العجوزان، و لعدم نفعهما، فمصيرهما أن يعيشا في زاوية النسيان، و يتمّ نقلهما إلى مراكز و دور العجزة، لينتظرا أجلهما المحتوم و بمجرّد أنّ يبلغ الأطفال مرحلة الرّشد والمراهقة، فإنّ مصيرهم الانفصال عن اسرهم، لا لكي يستقلّوا إقتصاديّاً، بل لكي يُنسوا إلى الأبد و كذلك الأزواج، فهم شركاء في الحياة مادام في الحياة الزوجية نفعٌ ولذّة، و إلّافلا حاجة إلى العلاقة الزّوجيّة و لا ضرورة للإلتزام بتبعاتها، ولذلك فإننا نرى أنّ الطّلاق هناك كأيسر ما يكون، و شايع إلى درجةٍ خطيرةٍ، ففي المذاهب الماديّة التي لا تقوم على أساسٍ إلهي في دائرة الأخلاق، يكون الإستشهاد لديهم لنيل المقاصد السّامية، هو الإنتحار بعينه، والكرم الذي يؤدي إلى تبذير الأموال، ليس هو إلّانوعٌ من الجنون، و العّفة و الإستقامة على طريق الفضيلة، ليست هي إلّاضَعفٌ في النّفس، و الزُّهد بالعالم المادي، ليس هو إلّاسذاجةً و جهلًا بالحياة وما نراه اليوم من التنافس المحموم على الماديات، و مراكز القدرة في هذه المجتمعات، و رؤساء تلك الدول، هو أفضل و خير نموذج يعبّر عمّا لديهم من معايير للأخلاق الماديّةو الشّاهد على ذلك، ما يصدر من الإنتهازيّة و التّعامل المزدوج للقوى الإستعماريّة تجاه (حقوق الإنسان)، فعندما تكون حقوق الإنسان، سبباً لتعرّض منافعهم للخطر، فسوف يتجاهلونها ويجعلونها وراء ظهورهم، ويذبحون القيم الإنسانيّة على مذبح المصالح الماديّة فأخطر المجرمين والمعتدين على حقوق الإنسان، يصبحون مسالمين ومصلحين، وبالعكس فإنّ الشخص الذي يريد أن يدافع عن حقّه في مقابلهم، يكون هو الشّيطان بعينه، ويجب أن يُقمع بأيّ وسيلةٍ كانت فنراهم يدافعون عن الديمقراطيّة و حكومة الشّعب، دفاعاً مُستميتاً، وفي نفس الوقت نراهم و في زاوية أخرى من العالم، يدافعون عن أسوَأ و أظلم المستبدّين الديكتاتورييّن لا لشيءٍ، الّا لأن الأخلاق عندهم ليست هي: إلّاالنّفع في بُعده المادي و الشّخصي. و الإنسان المادي لا يمتلك صورةً واضحةً عن الأخلاق في دائرة التّعامل مع الآخرين، بل مفاهيم ضبابيّةً و صورةً قاتمةً و الملاحظة الاخرى الّتي تجدر الإشارة إليها، أنّ المادييّن لا يرون في سلوكهم الأخلاقي، غير زمانهم و مكانهم الّذي هم فيه الآن، ولا أهميّة عندهم لما فَعل الماضون، و لا ما سيفعله اللّاحقون، إلّاأن يكون له علاقةٌ بحاضرهم، ولكن الموحّدين المعتقدين بالحياة الآخرة، و محكمة العدل الإلهي في يوم القيامة، يعتقدون أنّ معطيات الأخلاق وبركاتها المعنوية، جارية حتى بعد الممات، ولو إمتدّت لِالاف السّنين، وسيثاب الإنسان عليها في الاخرى، ولذلك لا يتعاملون مع الواقع الدنيوي، من موقع الزّمان الحاضر فقط،، بل من موقع التّفكير في الغد البعيد والحياة الخالدة وقد جاء في الحديث المعروف عن الرسول الكريم صلى الله عليه و آله، أنّه قال إذا مات المؤمن إنقطع عمله إلّامن ثلاث، صدقةٍ جاريةٍ- أي الوقف- أو علمٍ يُنتفع به أو ولدٍ صالحٍ يدعو له فالإيمان بالآخرة دافعٌ و حافزٌ آخر، للحثّ على الأعمال، الأخلاقية المهمة، مثل الصّدقة الجارية و الآثار العلميّة المفيدة و تربية الأولاد الصّالحين، و الحال أنّ لا مفهوم لهذه الامور لدى المادييّن نسال الله تبارک و تعالی ان یوفقنا بالوصول الی التقوی و ان نعمل عمل الصالح فی هذه الدنیا انشاء الله